Al Jazirah NewsPaper Sunday  13/12/2009 G Issue 13590
الأحد 26 ذو الحجة 1430   العدد  13590
نوافذ
حلم لا يندمل
أميمة الخميس

 

ما زالت أروقة قمة كوبنهاجن تعاني التجاذبات بين أصحاب الحلم الأخضر بكوكب أزرق نقي آمن، وأجندة الشركات العابرة للقارات ورؤوس الأموال النهمة التي تحلم بالمزيد من استنبات الأسواق المستهلكة حول العالم، وبتضخم رأس المال، وبالقناطير المقنطرة، وجميع ما يضع العصي في عجلة قمة عاجزة إلى الآن بالخروج بصيغة لاتفاقية ملزمة لجميع الدول الـ190 المشاركة.

إنه الصراع البشري المؤزل بين الحلم/ الحقيقة، المثال/ الواقع، بين الأرض الدنيا التي ترتع بالشهوات والخطايا والرغبة بالمزيد من الاستحواذ والسيطرة وفكَّيْ الشهوة في غابات الحواس، وقوانين أرض الأنبياء والقديسين والمتقشفين والشعراء والحالمين، وجميع مَنْ يصبو إلى تصفيد شياطين الشهوات بالسكينة والطهرانية أو لربما بقصيدة.

إنها أدوات الفرسان في صراع يتصدى لمكر رأس المال والمصانع التي تطوق العالم وتقرض ثوبه الأخضر وتسوقه بسعار استهلاكي في أسواق عالمية متشابهة.

تتزامن قمة كوبنهاجن مع المؤتمر العربي للفكر (فكرة 8)، إنها نفس الأعين الشاخصة نحو نفس الأفق، الإيمان بالإنسان كقيمة وكإرادة، أو عنقاء قادرة أن تنهض من رماد خيباتها واستعادة عادة التحليق، التنقيب عن روح الإبداع الخابية المتوارية تحت أطلال الهزائم وصيغ فقدان الجدوى، إنه صدمة حب كهربية لجسد ينسدل من المحيط حتى الخليج، عجزت السياسة أن تخرجه من غرف العناية المركزة؛ فاقتحمت عندها الثقافة المشهد لتسكب في العروق الترياق.

وغداً الاثنين يأتمر الأدباء في الرياض، يتقاطرون وقد تأبطوا نفس الصفائح والصحائف المطلسمة، يسودون عاماً إثر الآخر مسودة القيم القادرة على تفتيق وردة الحضارة فوق أنقاض وركام المشهد. يستعيدون الفكر والأدب والثقافة من الأطراف والهوامش وثانوية الحاجة، من فتات الوقت ومن هرطقات الحالمين المقصيين عن حلقة البيع والشراء في المدن الاستهلاكية الكبرى، ينهضون بأعمدة الأدب كمدخل باذخ لمرور عربة الحضارة باتجاه أقانيم المدن الفاضلة.

يحتفون بالعقل البشري الذي يراوغ الأسقف ويخاتل الصناديق، ومتاهات السلطة المركبة التي تحاصر مغامراته، وتروض فضوله، يؤم الركب أرضاً تتعاطى الحق والخير والجمال، كصيغة مسودة أولى للشفاء.

ثلاث مناطق متفرقة في العالم تتساقى أقداح الحلم البشري القديم الذي لا يندمل، وتتداول صيغ (لوغارثمية) غامضة؛ لأن وضوحها سيزعج الطغاة والحرس القديم وسدنة الأصنام.

في ثلاث مناطق من العالم يشترك الإنسان في استزراع أجنحة تحلق بكوكبنا الأزرق الجميل بعيداً عن سديم الظلمات.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد