Al Jazirah NewsPaper Thursday  10/12/2009 G Issue 13587
الخميس 23 ذو الحجة 1430   العدد  13587

شهقة النار

 

ملامحُ اللَّيلِ تَتلو سُورَةَ النَّصَبِ

وشَهقَةُ النَّارِ تتلُو آيةَ العتبِ

أشكو إلى اللهِ من ليلٍ يُطوِقُني

كَأَنًهُ الفيلقُ المملوءُ بالغَضَبِ

وحدِي وصمتُ الرُّبَى في كُلِّ جَارِحَةٍ

وزَفرةُ الرِّيحِ تَسرِي فِي دَمِ الكُثُبِ

كَبَيتِ طينٍ تَهَاوَى تَحتَ سَارِيَةٍ

يُصغِي إلى هَدمِهِ الآتي مِنَ السُّحُبِ

للرِّيحِ عَصفٌ وللإرْعَادِ عَاصِفَةٌ

أينَ النَّجَاةُ؟ فلا يَقوَى على الهَرَبِ

صمتي يَراعٌ وصَمتُ اللَّيلِ مِحبَرَة

يُعَنوِنُ الوَجدَ فِي وِجدَانِ مُغتَرِبِ

مَا آبَ من غُربَةٍ إلا تُطَوِّحُهُ

أُخرَى إلى لُجَّةِ التَّغرِيبِ وَالكُرَبِ

غَنَّاكِ صَمتِي وشوقُ الذِّكرَياتِ لظًى

تَدَثَّرَتْ مِن رَمَادِ الأمْسِ بِاللَّقَبِ

أجَلُّ من انتظاري موتُ عَاطِفَتي

وقبرُها ها هنا يمتدُّ في خِلَبي

إذَا سَجَا اللَّيلُ هَاجَتني مُؤوِّبةٌ

وأورَقَ الحُزنُ دَمعًا غَيرَ مُنسَكِبِ

مَاذَا جَرَى؟ واسْتَفَاقَ الجُرحُ في كَبِدِي

فَبِتُّ أطفُو عَلى صَمتٍ مِنَ الصَّخَبِ

ألمْ تكوني ظلالاً أستجيرُ بها

إذا تدثرتِ البيداءُ باللًهَبِ

وكنتِ شمساً على أهدابِ رَوعَتها

بلابِلُ الفَجرِ تَشْدُو في سَمَا الأدبِ

كتبتُ عَينَيكِ حَتَّى لَم أجِد لُغَةً

إلاَّ وسَطَّرتُهَا كُحلاً على الهُدُبِ

بِنَبضِ قَلبي كَتبتُ الشِّعرَ, لا قَلَمِي

في صَفحَةِ الوجدِ لا في صَفحَةِ الكُتُبِ

دَمي مدادٌ على الأوراق أُهْرِقُهُ

شِعْراً تَدفَقَ من آهاتِ مُضْطَربِ

أصوُغُ من رِقَّةِ الأسحَارِ أغنِيَةً

تَشُفُّ ألحَانها مِن رَعشَةِ الشُّهُبِ

والنبضُ يبكي على أغصانِ أوردتي

من لوعةِ الحُزنِ لا مِنْ روعَةِ الطَرَبِ

وهَبتُكِ القلبَ أنثَى لا شرِيكَ لَها

يُسَاقِطُ الحُبَّ في كَفَّيكِ كالرُّطَبِ

كُلِّي حَنينٌ وخَفقُ الرُّوحِ أجنِحَةٌ

تَهُزُّ سَفحَ النّوَى شَوقًا لِتَقتَرِبِي

حَمَلتُ جُرحِي على أقتَابِ قَافِيَتِي

ومَشهدُ الموتِ في عينيَّ لَم يَغِبِ

وسرتُ والحُزنُ درب لا انتهاءَ له

من كلِ صوبٍ رياحُ الحزنُ تعصِفُ بي

حيُ المواجِع والآمالُ ميَتةٌ

يا غارة الله كم لاقيتُ من تعبِ

مَا كَانَ ذَنب الَّذِي وَلاَّكِ خَافِقَهُ

تَبَّتْ يَدَاكِ أيَا حَمَّالَةَ الحَطَبِ

ما أتعسَ القلبَ حَظًّاً حينَ تَذبَحُهُ

ُكَفُّ الجَرِيمَةِ عُدوَانًا بِلا سَبَبِ

ليتَ الذِّي جَامَ للعُشَّاقِ جَامَ لَنَا

كأسًا من الصِّدقِ لا كأسًا من الكَذِبِ

هل كنتِ وهمًا عَلى أوراقِ ذَاكِرتي

مَن يَزرَعِ الوَهمَ يَجني عَوسَجَ الرِّيَبِ

سَرَى هُنا في دِمَائي نَبض أحجِيَةٍ

سَرِيرة شَمَّ فَاهَا كاشفُ الحُجُبِ

نَكَّرتُ عرشَ الهَوى للريحِ فانكَشَفَت

سَاقُ الحَقيقَةِ في صُبحٍ من العَجَبِ

بُوئي بذنبك علََّ الله يغْفِرهُ

وفَلسِفِي الدَّمعَ في عَينَيكِ وانتَحِبِي

وفَتِّشِي في خَبَايا اللَّيلِ عَن وَطَنٍ

وسافري في سماءِ الذنبِ واغْتَربي

وغادِرِي من شَرايينِي وأورِدَتي

ولمَلِمي مَا تَبَقَّى منكِ وانسَحِبي

(وسَلِّمي لي عَلى جُغرَافِيَا وَطَني)

وسَلِّمِي لي عَلى تَاريخِهِ الذَّهَبي

وسَلِّمِي لي عَلى أنقَاضِ مملَكَةٍ

كَانت لنَا مَوطِنًا في سَالِفِ الحِقَبِ

أمستْ كَملحُوبِ قفرا لا أناسُ بهِ

لم يبقْ منها سِوى الَأطلالِ والنُوَبِ

هيَ الحَقيقةُ مِثل الشَّمسِ سَاطِعَة

من لمْ يصُنْ مْلكَه يَضحي من السلب

محمد الشدوي


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد