Al Jazirah NewsPaper Thursday  17/09/2009 G Issue 13503
الخميس 27 رمضان 1430   العدد  13503
نوافذ
الواعظ الحليق
أميمة الخميس

 

اللعبة الإعلامية خطرة والإطلالة على جميع الأذواق والتوجهات والخلفيات النفسية والثقافية بشكل يومي أو دوري مغامرة تشبه مغامرة لاعب السيرك الذي يتقاذف كرة نار ملتهبة، لاسيما أن كانت المادة المقدمة تصدم مألوف المتلقي وتتربص بمسلماته، وعلى الرغم من هذا نال برنامج خواطر للإعلامي- أحمد الشقيري جماهيرية واسعة بين العديد من الشرائح ومن ضمنهم أبنائي الذين يصرون على أن يرافقنا الشقيري إفطارنا الرمضاني كل يوم..

فما الذي جعل هذا الواعظ الشاب الحليق الذي يرتدي الجينز ونظارات شمسية ماركة أن ينال هذا القبول؟

نظريات الاتصال الحديثة تؤكد على أنه يكون للتعلم أثر حياتي واجتماعي كبير عندما يستطيع المتعلم نقل الأثر التعلمي من مصدر المعلومة إلى مجتمع الحياة مستفيدا مما تعلمه في مواجهة ظروفه الحياتية.

فالشقيري هنا يتجاوز الطرح الوعظي الوقور المحلق في أرض المثاليات فلا يتحدث عن أفكار وخوارق وقيم عمومية خطابية، بل هناك مادة مستمدة من الشارع أو المدرسة وأحيانا المطعم، وعلى الرغم من كونه يؤصل شرعيا لجميع طروحاته ويبقى على اتصال وثيق بمرجعيته الدينية، إلا أنه يلامس نواحي وتفاصيل تلامس الكثير من الأسئلة الوجودية المعلقة في حياة الشباب والتي تعجز الطروحات الوعظية التقليدية إطفاء حرقة الفضول داخلها.

الاتصال البصري عبر التلفاز يظل الوسيلة الأهم في وسائل الاتصال الحديثة.

64% من سكان الولايات المتحدة ينحصر مجالهم المعرفي ومصدر المعلوماتية الأول لديهم في التلفاز، ومن هنا يبرز الدور الحيوي للتلفاز في صياغة الأفكار والتوجهات، وبلورة الرأي العام للمتلقين، ومن هنا تبدو أهمية الالتفات إلى هذه النوعية من الطروحات المستنيرة فالتيارات التي تحدق بالشباب حولنا لاتسر الخاطر ولاتبشر بخير.

جميع المشاريع التنويرية الكبرى عبر التاريخ، كانت تنبثق من البوابة الدينية، حيث كانت تستثمر العاطفة الدينية كوقود تستمد منه حيويتها وقدرتها ليس فقط على التأثير، بل أيضا الاستمرار والديمومة.

يقول الكاتب العربي هاشم صالح في مقال له بعنوان (المعركة التي لابد منها):

(إن مغامرة التنوير والتحرر من الدوغمائية المتحجرة هي معركة المستقبل، معركة العرب، معركة المسلمين، معركة مليار شخص،. لابد أن تنطلق من أرضية التراث الديني وكيفية فهمه وتفسيره، فبدلاً من القراءة المنغلقة، بل والإرهابية التي يقدمها المتزمتون عن تراثنا الإسلامي، كان ينبغي أن نولد قراءة جديدة لنفس التراث كما فعل فلاسفة التنوير الأوروبي مع تراثهم المسيحي)

برنامج خواطر، برنامج يشخص بنظره وطموحه وآماله شاهقا باتجاه الغد والمستقبل وبين أعطافه وجوانحه رحيق الماضي.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد