كانت عائشة رضي الله عنها تقرأ في المصحف أول النهار في شهر رمضان، فإذا طلعت الشمس نامت).
أورد هذا الأثر الإمام ابن رجب في (لطائف المعارف) وهو يدل على عناية أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بالقرآن الكريم. وأنها تبدأ يومها من بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس بتلاوته. وفي هذا قدوة للمسلمين والمسلمات بأن يشغلوا الأوقات في شهر الخيرات بالإكثار من تلاوة القرآن الكريم.فرمضان هو شهر القرآن، قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}والصيام والتلاوة للقرآن عبادتان عظيمتان إذا اجتمعتا في هذا الشهر الكريم نال الصائم أجراً عظيماً.
عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب منعته الطعام والشهوات بالنهار، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، فيشفعان) وكان السلف الصالح رحمهم الله تعالى إذا دخل رمضان اشتغلوا بالقرآن تلاوة وتدبرا، قال ابن عبدالحكم (كان الإمام مالك بن أنس إذا دخل رمضان ترك قراءة الحديث، ومجالسة أهل العلم، وأقبل على تلاوة القرآن من المصحف). وقال عبدالرزاق: (كان سفيان الثوري إذا دخل رمضان أقبل على تلاوة القرآن).
وكان زبيد بن الحارث الكوفي إذا حضر رمضان أحضر المصاحف، وجمع إليه أصحابه يقرؤون القرآن).
فعلى الجميع الاستفادة من ذلك بالمبادرة للعمل والتطبيق. والإكثار من تلاوة القرآن الكريم في هذا الشهر العظيم وعلى الآباء والأمهات حث أولادهم وبناتهم على تلاوة القرآن يوميا، وتخصيص وقت كل يوم أو ليلة للتلاوة والحفظ وتشجيعهم بالجوائز لحفز هممهم ليكونوا مع السفرة الكرام البررة. ولنعلم أن بيوتنا حينما تعمر بتلاوة القرآن تكون بيوت خير تغشاها الرحمة والسكينة.
عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مثل البيت الذي يذكر الله فيه، والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت).
* وعلى الأمهات وربات البيوت أن لا يشغلهن العمل في المنزل وإعداد الطعام عن تلاوة القرآن، بل ينبغي تخصيص وقت يومي أول النهار أو آخر الليل لتلاوة ما تيسير من كتاب الله تعالى ومن لم تكن تستطيع التلاوة في المصحف فلتستمع إلى أشرطة القرآن الكريم، أو سماع إذاعة القرآن الكريم يوميا.
وأخيرا ينبغي أن يرى أثر القرآن علينا في سلوكنا مع الآخرين. قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: (ينبغي للقارئ أن يعرف بليله إذا الناس نائمون، وبنهاره إذا الناس يفطرون، وببكائه إذا الناس يضحكون، وبورعه إذا الناس يخلطون، وبصمته إذا الناس يخوضون، وبخشوعه إذا الناس يختالون، وبحزنه إذا الناس يفرحون).
وقال محمد بن كعب القرطبي: كنا نعرف قارئ القرآن بصفرة لونه، يشير إلى سهره وطول تهجده في الليل.