عبدالرحمن الداخل بن معاوية بن هشام بن عبدالملك، توفي عام 788م، الملقب بصقر قريش. كان أحد الأمراء الأمويين المرشحين للخلافة في عاصمة الدولة الأموية في دمشق، جده الخليفة هشام بن عبدالملك عاشر الخلفاء الأمويين. هرب من العباسيين عند قيام دولتهم إلى الأندلس، حيث دخلها وسمي بذلك عبدالرحمن الداخل.
عبدالرحمن بن معاوية هو حفيد هشام بن عبدالملك الذي حكم من سنة 104هـ 723م إلى سنة 125هـ - 743م. نشأ عبدالرحمن في بيت الخلافة الأموي في دمشق، وكان الفاتح الكبير مسلمة بن عبدالملك عم أبيه يرى فيه أهلاً للولاية والحكم وموضعاً للنجابة والذكاء، وسمع عبدالرحمن ذلك منه مشافهة؛ ما أثر في نفسه أثراً إيجابياً. عندما أقام العباسيون دولتهم على أنقاض الدولة الأموية كان هدفهم تعقب الأمويين والقضاء على أفراد البيت الأموي فقتلوا الأمراء وأبناء الأمراء وأحفادهم وكل من توقعوا أن يكون أهلاً للإمارة خشية محاولة أحدهم استرداد مجدهم ولاسيما في الشام؛ لهذا بذلوا الجهود المضنية لتحقيق هذا الهدف. نجح عبدالرحمن بن معاوية بن هشام الذي اختبأ في قرية منعزلة قريبة من الفرات في سوريا، وكان معه ابنه الطفل سليمان، وكان عمره وقتها أربع سنوات، وأخ أصغر مع أختين. وعندما اكتشفت الشرطة مكانهم هرب عبدالرحمن مع أخيه الوليد بن معاوية عبر بعض البساتين، فلما تعقبتهما الشرطة حاولا عبور النهر فأغراهما الشرطة أن يرجعا ولهما الأمان، فرجع أخوه وقتله العباسيون، وكان عمره ثلاث عشرة سنة، بينما نجح عبدالرحمن في الوصول إلى الضفة الأخرى بسلام، ولم تنطل عليه مكيدتهم، ولحق به مولاه بدر طبقاً لخطة سابقة. وبدأ عبدالرحمن بن معاوية يعد العدة لدخول الأندلس بعد أن كوّن جيشاً قوياً، والتفّ حوله مؤيدوه، فعمل على إرسال بدر أحد رجاله أو خادمه القادم معه من دمشق إلى الأندلس لدراسة الموقف ومعرفة القوى المؤثرة في الحكم والوضع في الداخل الأندلسي. وراسل كل محبي الدولة الأموية في أرض الأندلس، كما راسل البربر في الأندلس وأعلمهم خطته، ورحبوا بذلك لمعرفتهم بعدل الأمويين وإنصافهم لهم، وكانوا في ذلك الوقت على خلاف شديد جداً مع يوسف بن عبدالرحمن الفهري لأنه فرّق بينهم وبين العرب في شمال إفريقيا، حيث كان والياً للأندلس، وكان البربر يريدون أن يتخلصوا من حكم يوسف الفهري الذي عاملهم بهذه العنصرية. وراسل عبدالرحمن كل الأمويين في كل الأماكن بأنه يعزم على دخول الأندلس وإقامة الدولة الأموية، فالتحق به كافة الأمويين من الشام وغيرها من البلاد. وفي ربيع الثاني سنة 138هـ - 755م عبر عبدالرحمن بن معاوية بجيشه القوي ومن معه من القادة مضيق جبل طارق إلى داخل الأندلس بهيبة وعظمة الفاتحين المنتصرين وانضم إليه أنصاره وأخضع كافة البلاد في طريقه وزحف إلى إشبيليه واستولى عليها وبايعه أهلها، ثم نجح في دخول قرطبة العاصمة بعد أن هزم جيش يوسف بن عبدالرحمن الفهري في موقعة المصاره في العاشر من ذي الحجة سنة 138هـ ليسيطر على كافة أرجاء الأندلس. وبذلك انتصر عبدالرحمن الداخل على العباسيين وهزمهم شر هزيمة وعرفوا بقوته وأنهم أمام قوة لا يمكن الوقوف في وجهها؛ فلقبه العباسيون بعد أن انتصر عليهم بصقر قريش، وهو اللقب الذي اشتهر به بعد ذلك؛ فقد كان أبو جعفر المنصور الخليفة العباسي جالساً مع أصحابه مرة فسألهم من هو صقر قريش فقالوا له هو أنت، فقال لهم لا، فعدوا لهم أسماء حتى ذكروا له معاوية بن عبدالملك بن مروان من بني أمية فقال أيضاً لا، ثم أجابهم قائلاً بل هو عبدالرحمن بن معاوية دخل الأندلس منفرداً بنفسه مؤيداً برأيه مستصحباً لعزمه يعبر القفر ويركب البحر حتى دخل بلداً أعجمياً فمصّر الأمصار وجنّد الأجناد وأقام ملكاً بعد انقطاعه بحسن تدبيره وشدة عزمه. وعلى الله الاتكال.
المصدر: الشبكة المعلوماتية