تمر مرحلة البحث والتقييم والتوظيف بمراحل متعثرة وطرق متعرجة، فعملية البحث عن موظف ومن ثم تقييمه ومدى ملاءمته للوظيفة وبالتالي تعيينه وضمه للفريق القائم هي عملية غالباً ما تمر بمراحل مجهضة وغير مكتملة، إن التعامل مع المتاح المرتبط بعملية التوظيف هذه يضعف تلك العملية ولا يؤكدها، عملية التوظيف تلك والبحث عن الموظف أياً كان مستواه الإداري سواء كان من القياديين أو من الصفوف الوسطى أو الدنيا يحتاج إلى جهد مضاعف وعمل مضنٍ ودقة متناهية واحترافية عالية للوصول لمبتغى تحقيق الهدف، فعندما تحتاج إلى سكرتير على سبيل المثال أو مدير مكتب فإنك ستعاني من الأمرين من قضية البحث تلك عن ذلك الموظف وذلك راجع إلى عدم وجود المكاتب المتخصصة بالشكل الاحترافي والتي تقوم بالدور الذي يجعلك مرتاحاً ومطمئناً لعملية الاختيار السهلة والصعبة في آن، فلا مكاتب التوظيف التي لا يزال يحتاج الكثير منها إلى التطوير، وحسناً فعلت الدولة عندما سمحت لمكاتب توظيفية خليجية باستثمار خليجي لتطوير ذلك المد المنحسر، ومن نافلة القول هنا إن البحث عن الموظف يمر عبر قنوات عدة منها الصحف أو المعارف أو مكاتب التوظيف وهناك طرائق أخرى لتلك العملية، فمشكلة مكاتب التوظيف الضعف الناتج عن بعضها في تناول تلك العملية، إما بسبب الإمكانات أو عدم إعطاء الأمر حقه، وكذلك بالنسبة للصحف فإنك ستواجه سيلاً عارماً من المتقدمين وبالتالي يختلط الحابل بالنابل وعدم وصولك إلى مبتغاك بشكل دقيق، ومشكلة المعارف هي أيضاً بطيئة وتحتاج إلى وقت وصبر، عملية التوظيف تلك لم تأخذ الحظ الأوفر في طرحها ومهنيتها وآليتها بل ظلت حبيسة الفكر التقليدي واجتهادات بعض المكاتب المبعثرة هنا وهناك، لو حاولت أن تبحث عن مدير مشتريات على سبيل المثال أو مدير تسويق أو علاقات عامة فإنك ستفاجأ بأن كل مكتب لا يملك أكثر من أصابع اليد في تلك الوظيفة أي أن الخيارات ضعيفة ومتدنية، واعتقد هنا أن ثقافة المجتمع تلعب دوراً مهماً في ذلك المنحى وتؤكده، لأن كثيراً من القادة يحتفظون بسيرهم الذاتية لاعتبارات اجتماعية وفكرية تجعلهم يحجمون عن الزج بتلك السير إلى مكاتب التوظيف!، وأقول يجب أن يكون هناك قاعدة بيانات متكاملة تقوم بها على سبيل المثال مجالس الغرف كان تقوم بطلب جميع المعلومات عن كافة الموظفين داخل القطاع الخاص وبالتالي سيكون لدينا قاعدة بيانات هائلة من خلال حصر تلك المعلومات وبالتالي يستطيع رجل الأعمال الباحث عن وظيفة بالاطلاع على تلك المعلومات بحيث تصبح حقاً مشروعاً للجميع والتي ستؤدي بدورها إلى حل تلك المعضلة، مشكلة التقييم هي الأخرى مشكلة لا تقل عن سابقتها فمشكلة التقييم تعتريها كثير من الغموض والأخطاء وعدم التقدير السليم ومرد ذلك لأسباب عدة أهمها أن تقديم بعض الأشخاص لأنفسهم يكون فيه كثير من الاحترافية والمهنية وأحيانا المبالغة فقد تقبل شخص دون شخص بسبب نجاحه في المقابلة وقدرته على تقديم نفسه والمبالغة أحيانا بذلك التقديم مدعوماً بسيرة ذاتية عملت بشكل احترافي مثير ومبهر في كثير من الأحيان وبالتالي تصبح عملية التقييم تلك قاصرة وقائمة على ذات اللحظة ومعتمدة على تلك المقابلة دون الأخذ بالاعتبار العناصر والقدرات والمؤهلات الأخرى وبذلك تصبح عملية التقييم عملية واهنة وتعطي نتائج منحرفة بقدر كبير عن المسار الصحيح وعن الحقيقة المجردة، واقترح هنا أن تمر عملية التقييم تلك بمراحل كثيرة أهمها أن تمر تلك العملية بثلاث مراحل وثلاث لجان لتقييم ذلك الشخص اقصد بالتقييم النفسي والمهاراتي والعلمي والخبراتي والتوازن الشخصي، وبالتالي سوف يكون لدينا أكثر من رأي نستطيع أن نستعين به ونقارن تلك الآراء عن ذلك الموظف لإعطائنا المؤشر القريب إلى الحقيقة حتى لا تبهرنا القدرة على الحديث وتقديم النفس، وكم من شخص كان بارعاً في المقابلة ومن ثم يسقط بعد أسابيع عديدة وتنكشف السلبيات والعيوب، والعكس وارد ومؤكد، كما أني اقترح أن يكون هناك مكاتب محايدة لتقييم أولئك الموظفين ويكون دور تلك المكاتب أن تقوم بتقييم الموظف على كافة الصعد النفسية والعلمية والعملية والمهاراتية والخبراتية وما إلى ذلك وبالتالي رفع تقرير إلى رجل الأعمال عن ذلك الموظف حتى تدعم تلك العملية اللقاء الأول مع ذلك الموظف أو الحكم المبدئي الذي تم داخل أروقة الشركة حتى نستطيع أن نحصر الفجوة والهوة من الواقع والمعطيات التي بين أيدينا، عملية الاختيار والتوظيف هي أهم العمليات الإدارية التي يجب أن تعطى العناية الفائقة من قبل المدير العام والمسئولين عن الشركات وحتى داخل المؤسسات الصغيرة لأن العنصر البشري هو القاعدة السحرية في طرفي معادلة النجاح والإخفاق، فاختيار المرؤوسين الأكفاء للرئيس والجنود المؤهلين للقائد هي القاعدة التي تنطلق من خلالها كثير من النجاحات، فقليل من الجهد في هذا الأمر لنحصل على كثير من النتائج التي تحقق الغايات والأهداف، وأخيرا يقول اسحق نيوتن: (لا تصل إلى أهدافك بعيدة المنال إلا بمساعدة أناس أقوياء يتحملون المشاق ويجتازون الصعوبات).
كاتب سعودي
Kmkfax2197005@hotmail.com