Al Jazirah NewsPaper Tuesday  16/06/2009 G Issue 13410
الثلاثاء 23 جمادىالآخرة 1430   العدد  13410
من غرفة صغيرة لا تتعدى بضعة مترات إلى جميع أرجاء العالم
أحمد السلمي

 

الفيس بوك تبدأ قصته من شاب أجنبي عندما جلس مارك جوكربيرج أمام شاشة الكمبيوتر في حجرته بمساكن الطلبة في جامعة هارفارد الأمريكية العريقة، وبدأ يصمم موقعا جديدا على شبكة الانترنت، كان لديه هدف واضح، وهو تصميم موقع يجمع زملاءه في الجامعة ويمكنهم من...

...تبادل أخبارهم وصورهم وآرائهم. لم يفكر جوكربيرج، الذي كان مشهورا بين الطلبة بولعه الشديد بالانترنت، بشكل تقليدي.

مثلا لم يسع إلى إنشاء موقع تجاري يجتذب الإعلانات، أو إلى نشر أخبار الجامعة أو.. ببساطة فكر في تسهيل عملية التواصل بين طلبة الجامعة على أساس أن مثل هذا التواصل، إذا تم بنجاح، سيكون له شعبية جارفة.

جوكربيرج حقق نجاحا سريعا في وقت قصير وأطلق جوكربيرج موقعه (فيس بوك) في عام 2004، وكان له ما أراد. فسرعان ما لقي الموقع رواجا بين طلبة جامعة هارفارد، واكتسب شعبية واسعة بينهم، الأمر الذي شجعه على توسيع قاعدة من يحق لهم الدخول إلى الموقع لتشمل طلبة جامعات أخرى أو طلبة مدارس ثانوية يسعون إلى التعرف على الحياة الجامعية. واستمر موقع (فيس بوك) قاصرا على طلبة الجامعات والمدارس الثانوية لمدة سنتين.

ثم قرر جوكربيرج أن يخطو خطوة أخرى للأمام، وهي أن يفتح أبواب موقعه أمام كل من يرغب في استخدامه، وكانت النتيجة طفرة في عدد مستخدمي الموقع، إذ ارتفع من 12 مليون مستخدم في شهر ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي إلى أكثر من 40 مليون مستخدم حاليا، ويأمل أن يبلغ العدد 50 مليون مستخدم بنهاية عام 2007م.

وفي نفس الوقت قرر أيضا أن يفتح أبواب الموقع أمام المبرمجين ليقدموا خدمات جديدة لزواره، وان يدخل في تعاقدات مع معلنين يسعون للاستفادة من قاعدته الجماهيرية الواسعة.

وكان من الطبيعي أن يلفت النجاح السريع الذي حققه الموقع أنظار العاملين في صناعة المعلومات، فمن ناحية بات واضحا أن سوق شبكات التواصل الاجتماعي عبر الانترنت ينمو بشكل هائل، ويسد احتياجا هاما لدى مستخدمي الانترنت خاصة من صغار السن. ومن ناحية أخرى نجح موقع "فيس بوك" في هذا المجال بشكل كبير.

وكانت النتيجة أن تلقى جوكربيرج عرضا لشراء موقعه بمبلغ مليار دولار العام الماضي

مليار دولار لا تكفي! إلا أن جوكربيرج، وعمره 23 عاما، فقط فاجأ كثيرين من حوله برفض العرض.

موقع فيس بوك يستخدمه أكثر من40 مليون فرد حاليا، وتوقع كثيرون أن يندم على هذا الرفض، خاصة وانه جاء بعد عام واحد فقط من قيام شركة "نيوزكوربوريشن" التي يمتلكها المليونير الاسترالي روبرت ميردوخ، بشراء موقع "ماي سبيس"، وهو موقع للعلاقات الاجتماعية، بمبلغ 580 مليون دولار

أما سبب رفض جوكربيرج لهذا العرض فيرجع إلى انه رأى أن قيمة شبكته أعلى كثيرا من المبلغ المعروض.

وحسبما قال في مقابلة مع صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية فانه (ربما لم يقدر كثيرون قيمة الشبكة التي بنيناها بما تستحق).

وأضاف أن عملية الاتصال بين الناس ذات أهمية بالغة، و(إذا استطعنا أن نحسنها قليلا لعدد كبير من الناس فان هذا سيكون له اثر اقتصادي هائل على العالم كله).

واثبت واقع الحال انه كان محقا في رفضه هذا العرض. فقد قالت صحيفة (وول ستريت جورنال)، ابرز الصحف الاقتصادية الأمريكية، إن شركة ميكروسوفت تسعى لشراء 5% من قيمة (فيس بوك) بقيمة من 300 إلى500 مليون دولار، الأمرالذي يعني أن قيمة (فيس بوك) الكلية تصل إلى مبلغ من ستة إلى عشرة مليارات دولار .

يشار إلى أن شركة ميكروسوفت تحتكر إعلانات الانترنت على شبكة فيس بوك في الوقت الراهن.

أحلام ومشكلات أمام جوكربيرج مشروعات كثيرة، فهو مثلا يريد أن يستمر النمو في مستخدمي الشبكة بحيث يتضاعف عدد المستخدمين كل ستة أشهر، ويريد تقديم المزيد من الخدمات التفاعلية في شبكة (فيس بوك)، وان كان جوكربيرج لا يفضل عموما الحديث عن خططه طويلة الأجل

إلا أن الطريق ليس سهلا. هناك منافسة شرسة من عدة مواقع للعلاقات الاجتماعية، أبرزها موقع (ماي سبيس) الذي سيبلغ عدد مستخدميه أكثر من200 مليون فرد، ويعد أكبر شبكة للعلاقات الاجتماعية في العالم. هناك أيضا تقارير تحدثت عن قيام فيس بوك بتطوير نظام يسمح للمعلنين باستخدام المعلومات التي يقدمها مستخدمو الشبكة عن أنفسهم، وهو ما ينفيه زوكربرج إذ إن مثل هذا النظام يثير تساؤلات عن مدى الخصوصية التي يتمتع بها مستخدمو الشبكة.

بالإضافة إلى ذلك، فقد وجه المدعي العام في نيويورك مذكرة استدعاء لمسئولين في (فيس بوك) وقال في خطاب للشبكة إن فحصا أوليا أوضح وجود أوجه قصور في الحماية التي يتمتع بها مستخدمو الشبكة، خاصة صغار السن.

وقد قام أحد المحققين بالتظاهر بأنه شاب صغير السن ودخل على موقع للشبكة فتعرض لملاحقة جنسية من قبل بعض المستخدمين.

كما قال المدعي العام لولاية كونيكتتيكيت ريتشارد بلومينثال لوكالة رويترز للأنباء إن مكتبه وجد ثلاثة من المدانين بجرائم جنسية ضمن شبكة مستخدمي فيس بوك، وان على الشبكة القيام بالكثير من الخطوات قبل إن يشعر بالرضى الكامل تجاهها على حد وصفه.

ومن جانبها تؤكد الشبكة أنها حريصة على القيام بكل ما هو ممكن لحماية مستخدميها. على طريق بيل جيتس؟ يبدو التشابه واضحا بين بيل جيتس ومارك جوكر بيرج.

كلا الرجلين بدأ العمل في صناعة المعلومات في بداية العشرينات من العمر، وكلاهما أصبح من اصحاب الملايين في العشرينات ايضا، وكلاهما صاحب رؤية أثمرت نجاحا وتغييرا في سوق المعلومات استفاد منه الملايين في العالم

وكلاهما درس في جامعة هارفارد، وان كان جيتس لم يكمل دراسته بسبب انشغاله بتطوير برامج الحاسبات الشخصية. وبين الرجلين ايضا علاقة عمل تتجه إلى التطور والتوسع كما ذكرنا. بل إن ملامح وجه زوكربرج تبدو لحد ما قريبة من ملامح جيتس.

غير أن بيل جيتس، الذي ولد في عام 1955، هو الأغنى على وجه كوكبنا حسب تصنيف مجلة فوربس الأمريكية وهو صاحب اكبر شركة لبرامج الكمبيوتر في العالم، كما انه اكبر متبرع للعمل الخيري في العالم.

وهذا يعني أن على جوكر برج القيام بالكثير إذا أرادا أن يحقق نجاحا يقارب ماحققه جيتس.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد