شهدت سوق القيصرية ترميماً وتطويراً يليق بمكانتها التاريخية والحضارية، وتقع هذه السوق في قلب مدينة الهفوف بالأحساء المطلة على ساحل الخليج العربي شرق المملكة العربية السعودية.. وشيدت السوق كمركز تجارى لتسهيل عمليات البيع والشراء لسكان الهفوف قبل أكثر من 200 سنة، شهدت السوق خلالها عمليات توسعة وإضافة وصيانة.. وتتكون من أكثر من 400 متجر.. وقد استقطبت السوق أرباب الحرف المختلفة وزبائنهم، وتقع السوق على الشارع الرئيس بوسط مدينة الهفوف القديمة وهو من أهم الشوارع التجارية في المدينة.. وقد شغل متاجرها العطارون والنساجون وأصحاب الحرف المختلفة بجانب باعة السلع اليومية المختلفة، ويقصدها الأهالي والزوار من المدن المجاورة حيث تُعد معلماً بارزاً في المنطقة.
الحريق الكبير
وقد تعرضت السوق إلى حريق كبير صباح يوم الخميس (2 شعبان 1422) أدى إلى تهدم معظم أجزائها ومحلاتها وتلف السلع الموجودة بها, وقد بلغت الأضرار أكثر من 80% من السوق.. وقد أدخل ذلك الحزن في نفوس الأهالي والزوار من مرتادي السوق.. على أثر ذلك صدر توجيه صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبد العزيز وزير الشؤون البلدية والقروية بإعادة إعمار وتأهيل السوق التاريخية.
إعادة الإعمار
يأتي مشروع إعادة إعمار سوق القيصرية التاريخية كأحد أهم المشروعات الحيوية في جدول أعمال بلدية محافظة الأحساء، حيث تعيش محافظة الأحساء نشاطاً إعمارياً مستمراً بإنشاء وتنفيذ عدد من المشروعات التطويرية في جميع الميادين البلدية والتجارية والسياحية التي من شأنها تطوير المنطقة وتحسين الخدمات للمواطنين ومواكبة النمو المستمر في بلادنا بدعم ومتابعة من حكومة خادم الحرمين الشريفين.
التصميم المعماري
عملت بلدية الأحساء على إعداد المخططات الهندسية للمشروع والمواصفات وجداول الكميات عن طريق أحد المكاتب الاستشارية ذات الخبرة مع توثيق الملكيات بالرفوعات المساحية، وقد روعي في العمل مطابقة التصاميم للسوق الأصلية سواء في الطابع المعماري أو مواد وتقنية البناء مع الأخذ بالاعتبار تجهيزات السلامة اللازمة، فجهز المشروع بشبكة إنذار مبكر للحريق مع نقاط الإطفاء بالماء وبشبكة تصريف مياه الأمطار.. وتتكون السوق من مجموعة من المتاجر الصغيرة المختلفة المساحة المصفوفة على شكل شريطي تتخللها طرق ضيقة.. وتتميز الواجهات برواق أمامي بأعمدة أسطوانية مع أقواس (عقود) نصف دائرية مطابقة للسوق الأصلي تعلوها شرفات على شكل حمائم.. وقد شمل العمل إعمار المسجد القديم الكائن جنوبي السوق.
النظام الإنشائي ومواد البناء
اتبع في نظام الإنشاء نظام الجدران الحاملة المبنية من الصخر بسمك 40 سم مطابقة للنظام التقليدي للبناء في المنطقة، حيث تم اختبار العديد من العينات الصخرية من مختلف المناطق المحيطة بالأحساء إلى أن تم اختيار الصخر المناسب والمطابق للمواصفات.. أما الأسقف فجاءت أيضاً مطابقة للنظام التقليدي الذي يتكون من جذوع الشجر (الدنجل) المعالج الذي يصف باتجاه البحر القصير في التسقيف وتعلوها طبقة من شرائح عيدان البامبو، وفوقها طبقة من حصير جريد النخل وألواح الخشب ثم طبقة من الخرسانة المسلحة الخفيفة وطبقات عزل المياه.. أما الأرضيات فيكسوها الجرانيت السعودي المعالج سطحه بالحرق بتشكيلات حجرية مختلفة.. أما المظهر الخارجي فيتكون من مادة تطبق باللياسة الناعمة مطابقة للجص وهي المادة الأساسية التي كان سوق القيصرية مغطى بها بالكامل.
مساحة وتكلفة المشروع
تبلغ مساحة مشروع تأهيل وإعمار مبنى سوق القيصرية حوالي (5.000) متر مربع وبتكلفة (15.948.939) ريال سعودي.. واستغرقت مدة تنفيذ المشروع (18) شهراً.
تنفيذ المشروع
عملت بلدية الأحساء على إزالة المبنى القديم للسوق بعد أن تعرض لحريق أدى إلى الإضرار بمعظم السوق حيث يصعب ترميمه من جديد بعد انهيار هيكله الرئيس.. وقد تم البدء بتنفيذ المشروع قبل حوالي سنة حيث سلمت البلدية هذا المشروع لإحدى الشركات الوطنية وهي شركة المشروعات الشرقية بالتضامن مع مؤسسة الطريقي للمقاولات.. وقد تم البدء في المشروع يوم 24 جمادى الآخرة 1426هـ وقد روعي في تنفيذ مبنى سوق القيصرية أن يكون بنفس المواد المستخدمة سابقاً مع الحفاظ على تصميمه السابق ومراعاة أصول السلامة الخاصة بالكهرباء وتوفير العوازل الخاصة بالحرارة والمياه.
الأعمال المنجزة
تم الانتهاء من حوالي 50% من أعمال المشروع شملت أعمال الحفر والردم والتسوية والأساسات والعزل والجدران الحجرية لعدد من المحلات حتى منسوب 2.40 متر حيث تم البدء في إنشاء الجدران في البلوكات الشمالية.. كما تم اعتماد الكثير من المواد والعينات اللازمة للعمل مثل مواد الأسقف والتأسيسات الخارجية.. كما تم توريد الأخشاب (جذوع الدنجل) الخاصة بالأسقف والطبقات التي تعلوها.. كما تم الانتهاء من أعمال التمديدات تحت الأرض مثل شبكة تصريف السيول والكابلات الكهربائية والهاتف.