في جريدة الجزيرة الغراء في عددها الصادر رقم 13375 يوم الثلاثاء الموافق 17 من جمادى الأولى عام 1430هـ كشف المدير التنفيذي لمركز الملك فهد الوطني لأورام الأطفال ومركز الأبحاث الدكتور حسان الصلح تصريحاً مفاده أنه لم يسبق للمركز أنه سجل حالات شفاء من أمراض السرطان بالقرآن الكريم دون تدخل طبي، وأنا هنا أود أن أقوم بالتعقيب على الدكتور وأن أقول أشياء هامة في مجال العلاج بالروحانيات، وأقصد هنا بالروحانيات القرآن الكريم وصحيح السنة اللذين فيهما نصوص يستشفى بها، وليسمح لي القارئ الكريم أن أطنب في هذا الموضوع لأنه في جعبتي أشياء كثيرة أرغب أن أقولها للأطباء على مختلف تخصصاتهم وكلام الدكتور الصلح كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير.
بادئ ذي بدء إن الله تعالى يبتلي بعض عباده بابتلاءات مختلفة، فهذا يبتليه بالمرض وذاك يبتليه بالفقر وآخر يبتليه باليتم وهلم جرا - المهم أن هذه الحياة دار ابتلاء وامتحان ومقاصة، ومن هذه الابتلاءات الابتلاء بالأمراض العضوية والنفسية، وما أود طرحه في هذا المقال المتواضع شكلا ومضمونا هو أن الأطباء لا أقول في المملكة فقط بل في العالم العربي من محيطه إلى خليجه بل دعوني أبعد أكثر من ذلك وأقول إن أطباء العالم الإسلامي من طنجة إلى جاكرتا ما زالوا يهملون الجانب الروحاني، إن مسألة الاستشفاء بالقضايا الروحانية مسألة هامة جداً فبات الاستشفاء بها اليوم مسألة مسلم فيها عند أطباء الغرب، ولا يدور حولها أي اعتراض، ولكن مع الأسف الشديد إن الاعتراض عليها أو عدم فهمها أو التسليم بها يوجد عندنا نحن أطباء العرب، وإن أطباء الغرب اليوم لا سيما متقدميهم كالولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا الغربية فضلاً عن دول الشرق كالصين مثلا كل هؤلاء الأطباء يقولون بملء فيهم إن العلاج بالأدعية والصلاة والآثار المقدسة هي علاجات تفوق العلاج بالعقاقير.
إذاً هناك أطباء في الغرب لا يشق لهم غبار في الطب التقليدي سلموا بأن العلاج بالعقاقير يجلب أعراضاً جانبية تفوق ما تعالجه بكثير، فكم من مريض شفي عن طريق الآثار المقدسة وعلى رأسها القرآن الكريم، إذاً فالاستخفاف بالقضايا الروحانية كالأدعية والصلاة معناه الجهل المطبق والمركب.. إذاً إن القرآن الكريم وما سواه من آثار مقدسة لا يستطيع أحد أن يراهن على أنها شفاء محض، بل هذا شيء مؤكد لا مرية فيه ولا جدال ولا يحتاج الأمر إلى تجريب فالشفاء بالقرآن مثلا مسألة مؤكدة فضلا على أن هناك آيات قرآنية والتي يسميها البعض آيات الشفاء للأمراض العضوية والجسدية على حد سواء.
إن علماء الطب قديماً كانوا يكتبون فوق رأس المريض العبارة التالية (نحن نعالج والله وحده هو الشافي) هذه العبارة وأمثالها كان يرددها أبو الطب (بقراط) فكان يقول إن الدعاء والصلاة يفوقان مشرطي!! إذا كان هذا أبو الطب يقول مثل هذا القول فحري بكم أطباء اليوم أن تقولوا مثل قوله. كم من مريض في العالم العربي قضى نحبة وأصيب قبل ذلك بالقنوط والإحباط واليأس من الشفاء بسبب أن أطباء العالم العربي كلهم يعتقدون أن مشارطهم وعقاقيرهم هي التي تشفي، وإذا فشلوا في هذه الوسائل، وضعوا كفن المريض عند وسادته أي بقول أصح كانوا يعتقدون أن الشفاء بأيديهم ومتى ما فشلوا أعلنوا نهاية المريض أو ذاك، إن جل ضحايا الأمراض المستعصية كانوا بسبب يأس وقنوط الأطباء الذي يتسرب منهم إلى المريض.
إن الجانب النفسي عند أطباء العالم العربي اليوم يكاد يكون معدوماً وهذا شيء يعيب الطبيب وطبه، وكم وكم وكم من مريض يرقد على السرير الأبيض وكان سبب رقاده هو كلمة من طبيب أردته طريح الفراش زمناً طويلاً. إن علماء الطب في الغرب المتقدم يقولون ليس هناك مرض بل هناك مريض وقبلهم رسول الهدى صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تتمارضوا فتمرضوا) إني أجزم وأقول إن كل الأمراض الباطنية كان سببها مرضا نفسيا يسبقها، وبالمناسبة قفز إلى ذهني وأنا أكتب هذا المقال شيء هام مفاده أن بعض الأطباء العرب يقفون على رأس المريض وقد يكون عددهم كثيرا ويبدؤون يتحدثون عن مرضه باللغة الإنجليزية ومن ثم يحسب هذا المريض أن حالته الصحية خطيرة والحالة هذه فحينما يرى المريض أن فوق رأسه عدداً من الأطباء يتهامسون فإنه يعتقد أن به كذا وكذا.. إن تصرفاً مثل هذا التصرف من قبل هؤلاء الأطباء هو تصرف عقيم خر عليه السقف من فوقه ولا يمت للطب بصلة وإنما يتم عن جهل بين صفوف أطبائنا، إني أراني في هذا المقال أن الأفكار تتسابق عند ريشة القلم فكل واحدة تقول دعني أخرج أولاً، وهذا كله بسبب كوني أرى أن هناك جملة من الأخطاء عند أطباء العرب، إني قد ابتعدت عن صميم مقالي ألا وهو الشفاء بالقضايا الروحانية وإن أطباء العرب كانوا لا يولونها أهمية يوم كان أطباء الغرب آمنوا بها أيما إيمان، إن معضلة العرب أنهم يأتون متأخرين وأنهم ينظرون إلى آثار أقدام الغرب ولا يرفعون رؤوسهم إلى أعلى فيختزلون خطاهم، أقول مثل هذا الكلام ليس في الجانب الطبي فحسب بل في جميع مجالات الحياة المختلفة، إن أطباء الغرب أيقنوا أن الشفاء بيد الله وحده وما هم إلا أسباب ووسائل ليس إلا، وأذكر أني قرأت مرة عن مريض نفسي كان يتردد على عيادة طبيبه وذات يوم جاء هذا المريض إلى عيادة طبيبه ووجد لافتة على باب الطبيب تقول: (من أرادني فإني موجود في الكنيسة) أعتقد جازماً أن كلام هذا الطبيب كان بمثابة قول المثل العربي (قطعت جهيزة قول كل خطيب) إذا كان أطباء الغرب ذهبوا إلى الكنائس ليتشافوا فحري بنا أن نسلك مسلكهم.
إذاً يا أخي الدكتور حسان الصلح وما يدريك لعل بعض تلك الحالات التي شفيت قد تكون شفيت عن طريق القرآن الكريم، وكأنك بقولك هذا تقنط المريض عن العلاج بالقرآن الكريم وتصرفهم عنه ولي في هذا المقال كلمة للذين يعالجون بالقرآن الكريم ألا وهي: أن يعالجوا بالقرآن الكريم على سبيل القطع والجزم على أنه شفاء لا على سبيل التجريب فالشفاء في القرآن لا يجرب لقوله تعالى في نص من العهد الجديد أن إبليس لعنة الله عليه جاء لعيسى عليه السلام وقال له إذا كان إلهك قادراً فاطلب منه كذا وكذا. فقال عيسى لإبليس إنه ربي لا يجرب.
إذاً والحالة هذه، الاستشفاء بالقرآن الكريم يجب أن نتعالج به ونحن واثقون كل الثقة على أنه شفاء لجميع ما يعتري هذا الإنسان من أزمات الحياة، وإن الاستبسال في العلاج أقصد القرآن الكريم هو شيء هام في مسيرة العلاج من أي مرض، ويجب علينا جميعاً أن نأخذ هذا القرآن بتقدير وإجلال قال تعالى: {خذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ} وقال تعالى:{إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً}، وليس هنا الثقل بمعناه المادي بل إنه ثقيل معنوياً، إذاً دعوني ألخص لكم مقالي هذا بسطرين ألا وهما:
- إن أطباء العالم العربي بل العالم الإسلامي لا يولون الاستشفاء بالجانب الروحاني أهمية تذكر كما هي عند أطباء الغرب قديماً وحديثاً، وإن فداحة هذا المسلك تنم عن جهل في المهنة وخلل في المسلك هذا أولاً.
وثانياً يجب على المريض أن يستشفي بالأدعية والقرآن الكريم على سبيل الجزم لا التجريب.
وأخيراً معذرة لأطبائنا الكرام تطاولت على مقاماتهم ولكن كما يقال إن لصاحب الحق مقالا.
وأحب هنا أن أذكر شيئاً هاماً وهو أني لا ارفض الطب التقليدي.. فالطب التقليدي له درجات سبق في علاج بعض الأمراض، ولكني أقول إن دمج الحسنيين الاستشفاء به وبالروحانيات هو المطلوب. والسلام عليكم.
عبدالعزيز محمد الروضان
بريدة - ص.ب 3461