Al Jazirah NewsPaper Saturday  09/05/2009 G Issue 13372
السبت 14 جمادى الأول 1430   العدد  13372
لما هو آتٍ
لا عدمناك...
د. خيرية إبراهيم السقاف

 

لا عدمناك .. من المصطلحات الشائعة نسمعها في مواقف عديدة:

حين الفزعة: تجد من يهرع إليك عند ضائقة نفسية، يشكل عليك كيف تخرج منها فتجده بجوارك، تستقبله منك (لا عدمناك)، وتودعه بها، وتكررها بين لحظة وأخرى في أثناء الموقف.

وحين الفاجعة: تجد من يسندك حين تقتحمك، فيسمع صوت امتنانك: (لا عدمناك)، وتبقى في لسانك تردِّدها حتى لحظة أن يغادرك بل عندما يواصلك بعدها..

وحين الفرح: تقولها لكلِّ من يشاركك، وقلبك يطفح بالسرور والشكر..

وحين المصائب: هناك من يؤازرك في أمر اجتيازها.. فيتّسع ضيق صدرك بها اطمئناناً لمؤازرته فلا يكون لسان حالك عنه إلاّ لاهجاً بها (لا عدمناك).. و(لا عدمناك) عبارة حاملة للمشاعر المكتظّة بالشكر، الناقلة لصوت القلب والعقل، مختزلة لحالة الوجدان والنفس، مُثْبتة ونافية، تنفي توقع الفقد، وتثبت الرغبة في البقاء للشخص المؤازر، الذي تتجلّى أريحيته في مواقف الحاجة باختلاف أوجهها، خفيفة على اللسان، بليغة في التعبير عن لسان حال الإنسان.. فوجود الشخص الذي يقف في الفرح والضيق، ولا يتوانى عن المشاركة والمؤازرة في الحياة معنى لها وزيادة في قيمتها، وإمعاناً في الطمأنينة فيها.. فهو يستحق الأمل في بقائه امتداداً للحياة في الإنسان..

لكن (لا عدمناك) أيضاً تقال للجامد، وللسائل وللطائر ..

تقال للوسيلة الناقلة حين يتعذّر على القدمين حمل صاحبهما، فلا يعدم عربته وطائرته وسيارته وعكازيه.. وحين فاقة يقولها لقرشه الأبيض: فلا يعدمه في لحظة عسر, ولكسائه حين يبرد فيدفئه، أو يحتر فيبرده, وللسُّكّر، والملح حين يضفيان على الذائقة طعمهما، .. وللنسمة الباردة حين زمهرير قيظ وللَّفْحة الدافئة حين زمهرير برد, وتقال للشمس في أقاصي القطب، وتقال للظل في منطقة الاستواء..

قلتها اليوم لقطرة ماء بارد أفقت قبلها على عطش..

و.. (لا عدمنا) الصحيفة الورقية والإلكترونية وهي تصلنا بكل العيون التي تشاركنا الحرف وبسمة خفية تداعب مواقف (لا عدمناك)..

وللكل: لا عدمتكم سالمين فرحين.. دفقاً للحياة وأزراً للأفكار..




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد