Al Jazirah NewsPaper Tuesday  10/03/2009 G Issue 13312
الثلاثاء 13 ربيع الأول 1430   العدد  13312
محمد الدرويش بين الأيام الأولى من شهر العسل والموت
منصور إبراهيم الدخيل

 

منذ أيام قليلة وبالتحديد يوم الأربعاء الموافق 23-2- 1430هـ عاش الأستاذ محمد الدرويش أغلى أيام العمر وفرح هو وأفراد أسرته ومحبوه بمناسبة زواجه تلك الليلة وكان يوماً حميماً جميلاً الكل ضحك وسعد وابتهج وقد أجمع كل من حضر مراسم ذلك الزواج بأنه من أفضل أنواع الزواج تنظيماً والمشاركة الوجدانية والبهجة حاضرة مع الجميع والعريس محمد مبتهج ويعيش فرحة غامرة يقبل هذا ويمازج آخر والابتسامة لا تغادره أبداً وقد أمضى الجميع تلك الليلة والسعادة تغمرهم ويتمنون أن تتكرر ليالي الأفراح وأن تكون على هذا المستوى من الأريحية والاحتفالية وقد تفرق الجميع كالعادة وكل ذهب إلى بيته أما محمد فقد بدأ مشاورة مع الأيام الأولى من شهر العسل، ففي اليوم التالي سافر هو وزوجته إلى مكة المكرمة لأداء مناسك العمرة وشكر الله على ما منّ به عليهما من نعمة وتوفيق وقد أمضيا أياماً قليلة هناك ومن ثم عادا إلى المدينة التي يقيمان فيها مدينة الدمام استعداداً لبدء مشواره الوظيفي حيث إنه يعمل مدرساً في سلك التعليم وبالفعل باشر العمل كبقية زملائه المدرسين بعد إجازة منتصف العام ومن ثم عاد إلى منزله بعد انتهاء ذلك اليوم ولكن كان موعده مع القدر حيث تعرض لحادث سير ترتب عليه احتراقه داخل سيارته وانتقاله إلى رحمة الله يوم السبت 3-2-1430هـ وكان قبل وفاته مهاتفاً زوجته بأنه في الطريق إلى البيت وقد انتظرت زوجته طويلاً ولم يعد مما جعلها قلقة وأصبحت الشكوك تراودها ماذا جرى له وعاشت تلك الساعات العصيبة حتى وصلها الخبر بالسيناريو المعتاد حتى لا تصدم، وفي نهايته عرفت أنه انتقل إلى رحمة الله لا شك أنه هذا الموت المفاجئ صدمة للجميع ولاسيما زوجته التي اختارت فيه فارس أحلامها وتطلعاتها إلى المستقبل لبناء حياة زوجية سعيدة وخصوصاً أنه من حفظة كتاب الله ويعج بالحيوية والنشاط ولكن هذه سنة الله ولن تجد لسنة الله تحويلا مضى إلى أجله وهو طريقنا جميعاً وتبددت تلك الأحلام التي لابد من مواجهتها بالقبول والرضا والصبر كما قال الله (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) لا شك أنها مصيبة عظيمة اجتمعت فيها عناصر السعادة والموت حيث إنه لم يمضِ على زواجه عشرة أيام وزوجته في أعلى درجات السعادة لأنها تعيش أحلى أيامها وابتهاجها ولم يخطر ببالها أن هذه الأيام القليلة التي أمضتها معه هي الأخيرة وأنها مقبلة على أشهر الحداد ولكن من عرف الله هانت عليه المصيبة، فالحياة ابتلاء وامتحان والأستاذ محمد الدرويش عاش تربية إسلامية غرسها فيه والده الأستاذ الدكتور الشيخ عبدالرحمن الدرويش الذي يدرس في المعهد العالي للقضاء وكان من اثار هذه التربية أصبح لديه حصانة جعلته يتكيف مع الحياة من خلال تربية سوية قوامها مخافة الله والاهتداء بهديه مما جعل حياته كلها بعيدة عن كل انحراف ومعصية وهذه تهون من هول هذه المصيبة وتبشر بحسن الخاتمة.رحمك الله يا محمد وأسكنك فسيح جناته وألهم والديك وإخوانك وأخواتك وأعمامك وزوجتك وأسرة الدرويش كافة الصبر والسلوان (إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ).

* مكتب التربية العربي لدول الخليج



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد