Al Jazirah NewsPaper Tuesday  10/03/2009 G Issue 13312
الثلاثاء 13 ربيع الأول 1430   العدد  13312
قضية جديرة بالمناقشة في مجلس الشورى
فهد بن زيد الدعجاني

 

في نهاية أسبوع الإجازة نصف السنوية للمدارس كنت قادماً من الطائف، بعد أن أمضيت هذه الإجازة بين مكة المكرمة، وجدة، والطائف، وبرفقتي عائلتي، وأثناء سيرنا باتجاه الرياض الساعة الثامنة والنصف مساء، بالتحديد عند مركز تبراك، كان أمامي سيارة صالون انحرفت بشكل مفاجئ، وتبعته بالانحراف، بعد ما شاهدت في الظلام شاباً يقف في منتصف الطريق، مما اضطرني الوقوف واستدعائه للخروج من الطريق، فكنت أعتقد في بادئ الأمر أنه تعرض لحادث، ويرغب في تجاوز الطريق، ولكن وبعد ثوان اتضح لي عكس ذلك، فالشاب كان يقصد الانتحار، فاستمر في الوقوف في منتصف الطريق ينتظر إحدى السيارات تصطدم به، ولكن مع استمرار مناداتي له استطعت استدراجه حتى خرج من الطريق، ولكن سرعان ما عاد وجلس في الطريق في المسار الأيسر باتجاه الرياض، أي في المسار الأخطر، في ظلام دامس وكلما اقتربت منه سيارة انحرفت بشكل خطير، وكان الطريق مزدحماً بالمسافرين وغالبيتهم عوائل، فهذا الشاب كاد أن يتسبب في عدة حوادث في أقل من دقيقة، وأيضاً عرض نفسه لخطر الدهس، ولكن عناية الله ولطفه شاءت، بأن تم سحبه من الطريق بصعوبة، وبعد مناقشته عن سبب رغبته في الانتحار ذكر لنا بأن والده متوفى حديثاً، وأيضاً ذكر لنا رواية أخرى بأنه تسلف مبلغ وقدره أربعون ألف ريال وخسرها وهو أكبر أشقائه، ويصعب عليه تحمل المسؤولية بعد وفاة والده، وتم مناصحته بأن ما يفعله حرام وخطر على حياته وعلى حياة المسافرين ولكنه لم يبالي بكلامي، وأفادني بأنه يرغب في الخلاص من هذه الدنيا بأي طريقة، وأظهر لي بأنه حاول الانتحار عن طريق قطع شرايين يديه ولكنه فشل في ذلك، وقرر بعدها الانتحار عن طريق اعتراض السيارات في هذا الطريق السريع. واتضح لي من المعاينة الأولية بأن الشاب غير مدمن مخدرات ولكن واضح أنه مصاب بحالة اكتئاب مزمن، أو انتكاسة نفسية مفاجئة أدت به إلى اتخاذ هذا القرار الخطير. ولم يكن أمامنا سوى الاتصال بأمن الطرق، وبعد دقائق بسيطة وصلتنا إحدى سيارات الشرطة، وأركبناه معهم وأبلغناهم بما فعل هذا الشاب. وبعد هذه الحادثة قررت البحث في هذه المشكلة ووجدت بأن هناك ثغرة خطيرة تهدد كافة شرائح المجتمع، وتؤدي أيضاً إلى تفاقم هذه المشكلة. وهذه الثغرة تكمن في عدم وجود جهة معينة مسؤولة عن المرضى النفسيين بشكل مباشر، وهذا يسبب قلقاً وخوفاً للمواطن والمقيم نظراً لخطورة هؤلاء المرضى، فالمصحات النفسية لا تستقبل الكثير من الحالات بحجة نوعية الحالة أو الازدحام، وأيضاً الهلال الأحمر لا ينقل مثل هذه الحالات، بحجة أنها ليست حالة إسعافية، وكذلك الدوريات الأمنية والشرطة يجدون حرجاً كبيراً في استلام مثل هذه الحالات لأنه لا يوجد جهة تستقبلهم في غالب الأحيان، وأيضاً دار الإخاء الاجتماعي المستحدث مؤخراً يتعذر بالاكتفاء، وعدم وجود إمكانية استقبال المزيد من هؤلاء المرضى. فمشكلة المرضى النفسيين تقف بين مفترق طرق، فهناك آلاف المواطنين المصابين بحالات نفسية يهددون حياتنا بشكل يومي، وأيضاً نرأف لحالهم ونخشى عليهم من الخطر. لذا لجأت لكم يا معالي رئيس مجلس الشورى لأنقل لكم خطورة الوضع، والأمل كبير في معاليكم وفي أعضاء مجلس الشورى لمناقشة هذه المشكلة، فخادم الحرمين الشريفين -أطال الله في عمره- يدعم ويشجع كل فكرة أو إستراتيجية تصب في مصلحة الوطن وتخدم المجتمع، وهذه المشكلة تحتاج إلى معالجة، فالخطر يتزايد وسيصعب معه المعالجة ما لم يحدد أولاً الجهة المسؤولة عن هؤلاء المرضى، ليتم تكليفها بوضع إستراتيجية تعالج هذه المشكلة، وبهدف القضاء على خطرها.

وأقترح بأن يتم وضع صندوق يدعم الجهة التي سوف تتكفل بهؤلاء المرضى، ويكون إيراد هذا الصندوق من عدة مصادر كالقطاع الخاص، وتشجيع المواطنين وخاصة رجال الأعمال بدعم هذا الصندوق سواء بطرية مباشرة، أو عن طريق أوقاف يخصص ريعها لهذا الصندوق، وأيضاً تستحدث غرامات على المخالفات الأخلاقية سواء التي تضبطها الجهات الأمنية، أو هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويدخل إيراد هذه الغرامات إلى هذا الصندوق، وكذلك من الضروري أن يكون هناك أسبوع كل سنة يخصص لتوعية المجتمع وتثقيفهم بهدف الوقاية من هذا المرض، ويتخلل هذا الأسبوع يوم لجمع التبرعات لدعم هذا الصندوق. وختاماً ندعو الله أن يحفظ الجميع من كل مكروه.

- حوطة سدير



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد