Al Jazirah NewsPaper Thursday  05/03/2009 G Issue 13307
الخميس 08 ربيع الأول 1430   العدد  13307
شيء من
تقنين الشريعة
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

 

في عددها الصادر بتاريخ 28-2-1346هـ، وبعد سنتين من التحاق منطقة مكة المكرمة بملحمة الوحدة على يد المؤسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله- جاء في افتتاحية جريدة (أم القرى)، الجريدة الرسمية للمملكة ما نصه: (إن جلالة الملك -حفظه الله- يفكر في وضع مجلة للأحكام الشرعية، يعهد إلى لجنة من خيار علماء المسلمين الاختصاصيين استنباطها من كتب المذاهب الأربعة المعتبرة).

وكلنا أمل أن يضع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أمنية الأب المؤسس، أو قل: (الفكرة) التي كانت تراود تفكيره - رحمه الله-، موضع التنفيذ، ويقنن الشريعة، وعندما نقننها لا يعني ذلك -إ طلاقاً- أننا خرجنا من إطار الشريعة إلى (القانون الوضعي) كما يتصور البعض، إنما هو إجراء تنظيمي محض يسعى إلى تضييق الفجوة والتباينات بين القضاة بهدف تحقيق (العدالة) التي هي الغاية التي تسعى الشريعة الغراء إلى تحقيقها.

أهم حجج الذين يقفون ضد التقنين أنه (قد) يسد باب الاجتهاد، ويسعى إلى تثبيت الأحكام، ويمنع القاضي من ممارسة دوره الاجتهادي، أو المرونة التي أعطته إياه الشريعة. ويرد على من يقول بذلك أحد الاختصاصيين بالقول: (لن يوقف الاجتهاد، بل إن التقنين عمل بشري وقابل للتغيير، متى ما تغيرت الظروف واقتضى الأمر فمن الممكن تعديل النص المقنن بما يتناسب مع المصلحة، وما لا يتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية الغراء).

وهناك من يرى (أن التقنين مدخل لتغيير الشريعة بزيادة أو نقص، وتبديل، وتعديل، فهو طريق إلى الحكم بغير ما أنزل الله)، وهذه مبالغة لا تستند إلى الواقع، ولا يقولها إلا الذي لا يدرك أن مرجعية الأنظمة والقوانين في المملكة هي الشريعة بشكل (حصري) ووحيد. فقد جاء في المادة السابعة للنظام الأساسي للحكم ما نصه: (يستمد الحكم في المملكة العربية السعودية سلطته من كتاب الله تعالى وسنة رسوله، وهما الحاكمان على هذا النظام وجميع أنظمة الدولة)، وهذا يعني أن (شرعية) الدولة تنطلق من الكتاب والسنة النبوية الشريفة، الأمر الذي يجعل التخوف المشار إليه سابقاً ليس بذي قيمة، لأنه يتعارض أول ما يتعارض مع (جذر) شرعية النظام، والأساس الذي ينص عليه صراحة وبشكل واضح النظام الأساس للحكم.

أعرف أن هناك لجنة متخصصة تعمل على تقنين الشريعة في وزارة العدل، غير أن نتائجها تأخرت بشكل يجعلنا نلح في المطالبة بتفعيل ما توصلت إليه هذه اللجنة. فنظام تطوير القضاء الذي صدر مؤخراً، والذي هو الآن محل التفعيل، لن يكتمل في أهدافه إلا إذا قننا الشريعة، وانتقلنا بها من الأمس، واعتبارات الأمس، إلى متطلبات وضرورات اليوم. ونحن بذلك -كما ذكرت في المقدمة- لا نبتدع جديداً بقدر ما نحقق أمنية وعد بها المؤسس رحمه الله. إلى اللقاء




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد