Al Jazirah NewsPaper Thursday  05/03/2009 G Issue 13307
الخميس 08 ربيع الأول 1430   العدد  13307
شاشة توقف
من يحمي التقنية؟
عبد الباسط شاطرابي

 

عجباً، فالبشر يلوثون التقنية! هكذا تقول الوقائع، رغم التباكي من المخاطر التي تتهدد معطيات الحياة الحضرية المرفهة في كل جوانبها.

الأسواق أصبحت تعج بالبرامج الحاسوبية (الإجرامية)، وكل من يريد يستطيع أن يتعلم كيف يصبح (هكراً) لا يشق له غبار، والعقول البشرية تبتدع كل يوم وسائل وفيروسات تتفاوت من تكسيح حواسيب الأبرياء، إلى ابتزاز الناس في خصوصياتهم، إلى سلب البنوك لدرجة وصلت فيها الأموال المختلسة عن طريق الإنترنت العام الماضي إلى تريليون دولار!

المصائب لم تقف عند هذا الحد، فهناك الوسائل التي يمكن بها إخفاء رقم المتصل في الجوال، وهناك الوسائل التي تعطي تقريراً مضللاً عن إغلاق الجوال رغم أنه مشغل، وهناك الوسائل التي تجعل المتصل يتوهم أن الطرف الآخر خارج نطاق التغطية الشبكية، وكلها ابتكارات جلبها الإنسان، لأنها تلبي حاجة ذلك الإنسان، حيث أرهقته مهددات خصوصيته، وأزعجته مطاردة البعض لجواله ليل نهار، كما أطارت النوم من عينيه المهددات الأمنية على حياته وحياة أسرته التي قد يجرها عليه هذا الجهاز السحري العجيب!

آخر الأخبار تقول: إن (جوجل) أطلقت برنامجاً يحدد مكان مستخدمي الهاتف المحمول. فأصبح بإمكان الأهل والأصدقاء معرفة مكان أحبائهم المتصلين في حال استخدامهم الجوال. لكن الخبر لا ينتهي عند هذا الحد، فالبرنامج مزوّد بخاصية إخفاء الموقع عن الأشخاص الذين لا يريد المتصل أن يعرفوا مكانه، وهذا أيضاً (مبلوع)، أما غير المبلوع فهو قدرة البرنامج على إعطاء موقع (وهمي) للآخرين من أجل التمويه عليهم، فيكشف لك البرنامج أن من يحادثك موجود في جوهانسبرج في حين أنه يكلمك من شقة مجاورة لمسكنك في الرياض أو القاهرة أو الخرطوم!

التقنيات تلوثت بفعل البشر فتحولت لوسائل تمارس الخداع واللف والدوران، وهذا مجرد رأس الخيط للأضرار الكبيرة المتوقعة، لكن أبلغ الأضرار ستلحق بثقة الإنسان في هذه التقنيات مستقبلاً، فكما أتخمتنا التقنية بالمعلومة الصحيحة المفيدة، فقد تقودنا إلى فخ خطير يفقدنا الثقة فيها بشكل جدي ومؤثر.

ارحموا التقنية من التلويث أيها الناس!



Shatarabi@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد