Al Jazirah NewsPaper Thursday  05/03/2009 G Issue 13307
الخميس 08 ربيع الأول 1430   العدد  13307
ذاكرة السرير.. حيث كل شيء!

 

(في سكون ليل تتضخم فيه الأصوات ينصت قلب محمد لدبيب ثواني ساعة حائطية يمقتها).. بهذه المقدمة تدخل بنا القاصة هديل محمد أجواء روايتها البكر (ذاكرة السرير)، تنسج فيها ملامح بطولة لرجل كان السرير وطناً له أغلب عمره، وكانت حياته سلسلة بطولات لا تتوقف، وكلما كانت الإخفاقات أكثر كان طعم الانتصار أجمل.

استوطن ذاكرة محمد بطل الرواية هاجس المرأة - بكل صورها وألوانها - تسكن تفاصيله وتستوطنه، وتتبدى ملامح تلك الأنثى (أحلام) أكثر في تعاطيه للشأن النسائي الخارجي (جسداً وأعضاء)، الحالة المنزوية المتذمرة في الرواية، المنهوبة الوقت، والتي تستمر في البحث عن الروح لتلاطف النص أكثر عادة، بعكس تماثيل الجسد أو بالأحرى تحولها لحالة هلامية بين النص والجسد، مرتع الكاتبة ولعبتها الروائية، بقصاصات مصطلحاتها المفتوحة المعنى والوجهة، وتبقى (المرأة) مصدر القوة.. فشمسُ الأنوثة تسطع بين تداعيات ورقة بشهقتها، بهيامه المفرط (شعرياً) بها.

هديل في روايتها تدخل وتخرج وتحوم حول الممنوع (عرفاً) لكنها حذرة من سردها أن يفلت من بين يديها ويفضح مراميها بالغوص حتى العمق في سبر الجسد واستبيان أزماته وشهواته. فهذا المدى الأنثوي لأحلام وهدى وغيرهما يمتد عميقاً في الحياة، مستعصياً عليها الإحاطة به (ككل) فهو يطاردها لا بل تطارده (بأنوثتها)، تجعل بطلها يعيش مرحلة تناوب الملاحقة، وجرحه العشقي مستكمل بنشيده وهشهشات ورقه الغارق حباً حيث النهيق والبريق، ها هنا لا ترتمي، لا تنتمي، لا ترتقي (رغم الشقاوة) والمدى.

في روايتها الصادرة عن دار (فراديس للنشر) تستند هديل محمد على رصيد ثري من الكلمات، يستند عليها رجال روايتها وبطلها الذي يكابر الأنثى ويسعى للحصول منها على حياة ينشدها محاولاً امتطاء لحظات الجنون التي تعتريه فيُخمد ناره بقصيدة حديثة، تنسيه ولو لحين بعضاً من آلامه.

وتتبارى الشخصيات على مسرح السرير وكأن الحياة تبدأ وتنتهي إلى سرير.. فنتلمس عذابات عبيد وأطياف فرحة ونعيش فرحة إطلالة سديم على الدنيا ونتعرف على هذا وذاك حتى نصل إلى هدى وحينها تنحى الرواية لذاكرة جديدة نختزل من خلالها جوانب لحياتنا نتصفح فيها منتديات النت وخباياها ونتعرف إلى جوانب للمرأة في بلادنا وهدى في تفاصيلها تفيض أنوثة وعذوبة وتموت قهراً وظلماً من كل أحد.. الرواية تحفل بسيناريو جميل يغني عن بعض الحوار أحياناً ويجعلك تعيشها وكأنك تراها بواسطة تقنية البعد الرابع.

الرواية هي التجربة الأولى لهديل محمد وهي نفسها إحدى بطلات الرواية ورغم أنها الكاتبة إلا أنها لم تجعل دورها أكثر منه راصداً ومتأملاً لما حولها من أحداث، المشاهد الرومانسية في الرواية ترحل بك إلى عوالم ورد وحقول كرزوالرواية تصنف تحت مظلة الرواية الاجتماعية التي تنقل نبض مجتمع وتفاصيل أسرة من خلال عيني طفلة اسمها سديم.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد