Al Jazirah NewsPaper Thursday  19/02/2009 G Issue 13293
الخميس 24 صفر 1430   العدد  13293
لرسم.. معنى
جنون الفنون.. فنون
محمد المنيف

 

يُحكى أن للفنانين شطحات وفلتات، ويحكى أن ما يقال عن بعض الأعمال الفنية جناية، وبين هذا وذاك تكمن حقائق كثيرة منها الصادق ومنها الخيالي، كما أن ما ينسب للفن التشكيلي من التهم أو الصفات أو التهكم لا يأتي إلا من قلة هي في الأصل مغيبة عن الجمال أو غائبة عن كيفية التعامل معه، ويُحكى أن من تلك الفلتات ما كان يقوم به الفنان سلفادور دالي الإسباني الأصل العالمي الشهرة عند افتتاحه أحد معارضه بعد أن طلب من ضيوفه لبس أفضل ما لديهم ففاجأهم بسكب كميات كبيرة من العصير من الشرفة الواقعة أعلى قاعة المعرض، وفي موقف آخر طلب من المفتتح لمعرضه بعد أن سلمه مطرقة صغيرة من تصميمه أن يكسر لوح الزجاج في باب المعرض، أما (الشطحة) الأخرى في هذا المقال وليست الأخيرة في سيرته الإبداعية العظيمة وقوفه داخل صندوق ضمن أعمال في أحد معارضه بوضع يلائم بقية لوحاته، ولم يكن مفاجئا بالنسبة للجمهور الذي تعود منه الكثير، هذا النموذج المتوقع من هؤلاء المبدعين لا يخرج عن إحساسهم الحقيقي بإبداعهم بل يصبح جزءاً من شخصيتهم وسلوكهم المحبب مهما تجاوز به الفنان المعتاد أو المألوف عند العامة حينما لا يتخطى مساحة الذوق العام أو جرح المشاعر، فلكل فعل أو موقف أو فكرة أسلوب تعبير.

أما الجانب الآخر من (شطحات الفنون) المستغربة أيضاً أو المستهجنة من قبل البعض ما يتم القيام به من أساليب وسبل تنفيذ الأعمال التشكيلية، مثال ذلك استخدام بعض الحشرات بعد غمسها في الألوان ووضعها على اللوحة لتقوم بتوزيع ما علق فيها بشكل تلقائي في تشكيل اللوحة أو استخدام ذيل الحصان لنفس الغرض أو أن يقوم قرد باللعب بالفرشاة والألوان على سطح الورق المعد له، هذه الأفعال تجد إعجاب النقاد والمختصين في قراءة الإيحاءات الناتجة عن تلك السبل واضعين لها مكاناً في سلم الجمال وليس الإبداع الذي هو من اختصاص الإنسان الممتلك للعقل العارف لما يقوم به، كل هذه الأمور أو التصرفات لا تخرج عن الحقيقة التي نجمع عليها وهي الجمال مهما اختلفت أشكاله، فالمهم ما نراه وكما يقال (لولا اختلاف الآراء لبارت السلع)؛ ولهذا فلكل منا الحق في إبداء رأيه ولكل منا إعطاء مثل تلك التصرفات أو نماذج التنفيذ لغير الإنسانية (لغير العاقل) الدرجة التي تستحقها لا أن نرفضها أو أن نستبعدها من القبول والرضا، فهذه هي الجناية بحق أي شكل من أشكال الجمال ودليل قاطع على الغشاوة البصرية التي تعيق الكثير من أن يستخرجوا الجمال من ثنايا القبح، فالأصل في الأشياء الجمال ويبقى دور المتلقي وقدرته على اكتشافه.

MONIF@HOT MAIL.COM



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد