Al Jazirah NewsPaper Thursday  19/02/2009 G Issue 13293
الخميس 24 صفر 1430   العدد  13293
حزن الأماكن وهواجس الوجوه
مهنا: الإبداع الحقيقي هو أن تعطي ما يجول بخاطرك

 

حاوره: عمر الأسعد

مارس التصوير الضوئي والغرافيك ليستقر في التشكيل كمساحة تعبّر ألوانها عن هواجسه ورؤيته للواقع ويحرز من خلالها جوائز توجت مسيرته الإبداعية التي تمتد إلى أربعين سنة من العمل والجهد.

تتفاعل في تجربة عبدالرحمن مهنا عناصر العمارة والوجوه التي يسود الحزن معظم معالمها وتتبلور من خلالها تجربة تعددت أساليب استخدامها لتقنيات الفن ومدارسه في طريق البحث عن معالجات وانتقالات جديدة في التشكيل، فكان هذا الحديث ليُفسر فيه ل(الجزيرة) الحزن الذي يسكن حارات ووجوه لوحاته:

* ماذا عن الطفولة وبدايات تكون الحالة الإبداعية؟

- كنت أتمتع منذ طفولتي بحساسية خاصة تجاه كل ما يحيط بي، لم أكن أحتمل الغبن أو القمع خاصة وأنني ولدت وعشت الطفولة وسط بيئة شعبية فيها الكثير من الخرافات والأساطير والعادات الاجتماعية المسيطرة على الأذهان والعقول، فكان الرسم ردة فعل على فشلي في إثبات ذاتي أمام الواقع، لجأت للرسم لأثبت وجودي وأفرغ أفكاري في وجه بيئة تحمل مناخاتها على الأطفال وربما تظلمهم، عبرت بداية عن إحباطي الذي عانيت منه حتى في المدرسة. أثبت الرسم شخصيتي فكنت فنان الصف وبعدها كبر الحلم ورسمت لوحات (الفانوس) و(الجرات المكسرة) و(لوحة الأمومة) وعن هذه الأعمال نلت أول جوائزي.

* كيف تُبلور العناصر المعمارية والإنسانية كحالة بصرية لتنقلها إلى اللوحة؟

- أياً كان مجال الإبداع الذي يمارسه الفنان لا بد له من مشاهدات واقعية ومن مخزون فكري ومعرفي ومعاناة تجاه هذا المخزون، أي يجب أن يكون لديه تجارب يعتمد عليها لطرح مكنونات أفكاره ورؤاه، فالإبداع الحقيقي هو أن تعطي ما يجول بخاطرك ودواخلك لا أن تنقل الواقع كما هو، تقديم الواقع لا يعطي شيئاً جديداً، لكن أن نبدعه بما تراه أرواحنا أعتقد أن هذا هو الفن، فالواقع يقدم مطبوعاً بذاتية الفنان وأحاسيسه ودوافعه الإبداعية.

* إلى أي مدى تترك للتجريب حريته في اكتشاف اللغة التشكيلية؟

- أنا لا أتبع التجريب بشكل مقصود أي لا أفتعل حالات التجريب والبحث عن مفردات تشكيلية معينة هذا ليس اختصاصي، فالفنان يرسم بشكل فطري بما يتناسب مع ذاتيته والواقع المخزون لديه، أما كيف يخرج العمل الفني هذا يتبع لظروف الفنان وحالته حتى المادية منها على سبيل المثال توفر ألوان معينة لدى الفنان أحياناً يحكم على خروج العمل الفني.

والفنان حسب اعتقادي يجب أن يرسم بما يتناسب مع رؤيته وموقفه المعاش،وأؤكد أن موقفي كفنان من كل ما يحيط حولي ليس حيادياً إنما متعاطف مع أشياء على حساب أشياء أخرى، فالفنان لا يجب أن يكون حيادياً فهو ليس قاضياً أو طبيباً أو باحثاً فلا يجب عليه أن يكون حيادي.

* أين تبحث لإيجاد الفكرة أو الومض الذي يحفز الإبداع الفني لديك؟

أتقصد وضع بعض مفردات التراث ممزوجة بما هو حاضر، لست ضد التأثر بالتراث، لكن هذا لا يعني نقل مفردات الأسلاف. أما عن الحالة الإبداعية لا يعرف الفنان متى يأتيه شيطان الفن أو الإبداع فالحالة الإبداعية حالة معقدة تحكمها جملة عوامل محيطة، والحالة الإبداعية هي الموقف تجاه الأشياء وأحياناً تكون منفذ ومخرج من القيود ووسيلة للتعبير عن الرأي بشكل مختلف فالفن مخرج لما نعاني من قيود.

* هل الفن برأيك ردة فعل طبيعية إزاء أي حالة إنسانية؟

- الإبداع هو تعبير عن طموح في الحرية أو انفلات من قيود معينة، أحياناً الفن يبني عالم جديد نحلم به ولا نصنعه على أرض الواقع.

* ما العلاقة التي تربطك بالأماكن كإنسان وفنان في نفس الوقت؟

- لو انطلقنا من مقولة الإنسان ابن بيئته لا نكون خرجنا عن سياق موضوعنا فالإنسان يجب أن يتآلف مع أماكنه وبالنسبة للفنان التآلف هو أن يعكس القيم الجمالية والفكرية التي تحيط به وبعالمه..

* كيف ترى العلاقة بين الحقول الإبداعية المتنوعة؟

- أعتقد أن التقسيم الحقيقي للثقافة هو (بصرية وسمعية وفكرية) يجب أن تتضافر هذه العناوين لتحقيق حالة التكامل الفكري والإنساني لحالة وجود الإنسان. نقص أحد هذه العوامل يعني نقص في تجربة الإنسان، والفنان عليه أن يتابع المسرح ويتابع موسيقى ويقرأ شعر، بمعنى ابتعاد الفنان عن حقول الثقافة يعني نقص في تجربته وهنا أدعو لتآلف حقول الثقافة في فكر المبدع.

* ما مسؤولية المبدع أو الفنان تجاه مجتمعه؟

- بالنسبة لي لم يكن العمل الوطني أو الاجتماعي عمل تنظيري إنما هو ردة فعل فنية صادقة تجاه الأحداث ولم أنطلق من مفهوم سياسي أو انتماء أيديولوجي معين إنما اندفعت من انحيازي للفن كوسيلة تعبير.

* كيف تنظر لنشاط الفن التشكيلي في الساحة السعودية؟

- هناك تقصير في التبادل الثقافي بين الدول العربية وأعتقد تقع المسؤولية على الإعلام أتمنى وجود تواصل في جميع المجالات الثقافية لنكون رؤية ثقافية صافية وحسب معلوماتي يشهد الفن التشكيلي بالذات في الساحة السعودية نهضة جديدة وشهدت الساحة التشكيلية السعودية ظهور أسماء لشباب موهوبين أعتقد يجب رعاية هذه الحركة.

* هل هناك تقصير من المؤسسات الرسمية في تكريم المبدعين؟

- المؤسسات لديها محسوبيات مرتبطة بقضايا لا تتعلق بالإبداع أبداً إنما تتعلق بمواقف وانتماءات معينة هذا من ناحية ومن ناحية أخرى رغبت في خلق حالة تواصل بين المبدعين في الوسط الثقافي لكسر العزلة التي تسود بعض الأجواء الثقافية لدينا.

* هل هناك حركة نقدية تشكيلية تؤسس لتطور العمل الفني؟

- عندما كتبت النقد شعرت أني ضحل في هذا المجال وعندما قرأت للآخرين وجدت نفس الشيء لديهم، النقد ليس عملية سهلة، وليس لدينا نقد تشكيلي إنما لدينا كتابة في النقد وهناك فرق كبير بين النقد والكتابة في النقد وهناك فارق كبير بين النقد والكتابة في النقد. النقد يلزمه موضوعية وحيادية وهي غير موجودة عندنا فنحن حتى الآن لا نحترم الرأي الآخر وعندما نعبر عن رأينا يكسبنا هذا عدواً إضافياً.

* هل ترى أن العملية الإبداعية لا تخضع للمساومة؟

- الفن لأجل الفن وليس من المنطق أن أرسم لوحتي كي أسوقها لإنسان لديه مطالب معينة فكرية أو أسلوبية، فالفن يجب أن يخضع لمعاييره الخاصة وليس لمعايير مزاجية سواء من أصحاب الصالات أو الأذواق الشخصية والعامة أعتقد يجب ألا يتدخل شيء لتشويه العملية الإبداعية.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد