Al Jazirah NewsPaper Thursday  05/02/2009 G Issue 13279
الخميس 10 صفر 1430   العدد  13279
تلويحة وداع
فوزية ناصر النعيم

 

تتذمر (أم سالم) من نافذة مكتبي المفتوحة التي تجلب عليها الغبار وتجعلها تقضي ساعات الصباح الأولى تنفض الأتربة وتمسح المكان وما علمت (أم سالم) أنني لا أريد بها الأذى ولكن تمر علينا بعض اللحظات التي تجعل المكان يضيق بما رحب ونضطر أن نشرع النوافذ رغم برودة المكان حتى تحلق أرواحنا في الفضاء وتعود.. مخنوقة!! ما علمتُ يا أم سالم أن موجة الغبار ستملئ المكان إلا عندما حلقت روحي ثم عادت شهباء شعذا!!! مسور هذا الكون بكل أنواع الحواجز والأقنعة فما عدنا نرى وجها واحدا نعرفه ثم نلتقي به مرة أخرى ولو من أجل الصدفة.. والذين يقعون على خارطة الجزء الأهم من حياتنا يتناوبون مع السنين علينا وكأن للعمر متسع طويل ولم يدركوا قط أن هادم اللذات يأتي هكذا فجأة ودون أن يطرق الأبواب أو يطلب الإذن!! وأولئك الذين يهربون منا مجرد ما تتسلق حاجاتنا إلى كواهلهم علينا أن نكون قادرين تماما على إسقاطهم من سجلات حياتنا ونقتل كل لحظة حنين تسوقنا إليهم أو لحظة فكر تجعلنا نعاتب الأحداث لماذا كشفت لنا عنهم وجعلتنا هكذا ضحية الحقيقة الموجعة واللحظة المؤسفة وحينما تلمع دمعة اشتياق لأجلهم يجب أن نغتالها فورا.. فمن لا يقدر ذاته لا يمكنه إطلاقا أن يقدر الآخرين.. لقد كانت صدورنا لهم مناخا.. لماذا حينما بحثنا عنهم صارت صدورهم لنا زمهريرا؟!!! لقد كانوا يشغلوننا أكثر منا.. لماذا لم نسترعي شيء من اهتمام.. ورحلوا.. وما علموا أنني لا أقتفي أثر مولين الدبر!! * (التلويحة الأخيرة) لماذا من أجل أن نتداوى بعقار (ما) تقف دواعي الاستعمال عند عارض واحد بينما تهاجمنا آثاره الجانبية سيلا من الأمراض؟!!!لا يفصل العام الراحل عن العام القادم سوى جزء من الثانية لا تحتمل إلا تلويحة وداع.. ولكنه حتما حمل معه الكثير من لحظات أعمارنا ومنحنا تجاعيد الزمن التي أصبحت علاماتنا الفارقة هنا بالتحديد.. نكاد نمسك طرف آخر العام مع أوله لئلا يرحل بعيدا ويزيد أعمارنا سنين.. اختلفت السنوات مؤخرا، أصبحت أكثر توغلا في أجسادنا، ولا تكاد ترحل إلا بعد أن ترسم أخاديدها على العمر.. كل شيء يفوتنا، يقتل في أعماقنا غصن زيتون ويرحل الغصن مع الزيتون وتلك الآمال التي راقبناها بكل حواسنا حتى لا تغفو!!

تماما مثل الأطفال الذين ينامون قبل أن تكتمل الحكايا فيجهدون الكبار الذين كانوا يتابعون الأحداث حتى توقفت.. لا شيء يبقى مثلما كان ولا شيء يكون مثلما نريد.. نجادل الزمن أن يهبنا تقارير تنبئنا عن حجم خسائرنا من الأعمار، وكم من اللحظات كانت سببا في ابتسامة عابرة أو سعادة مؤقتة سوى أننا نحن المتبتلون إلى الله تبتيلا نسحق الحزن الذي ينسينا حمد النعم ونستشعر الألم على أنه مقياس للسعادة، ونتوقع من الله أن يذهب عنا الحزن.. إن ربنا لغفور شكور!!

* تتذمر (أم سالم) من نافذة مكتبي المفتوحة التي تجلب عليها الغبار وتجعلها تقضي ساعات الصباح الأولى تنفض الأتربة وتمسح المكان، وما علمت (أم سالم) أنني لا أريد بها الأذى ولكن تمر علينا بعض اللحظات التي تجعل المكان يضيق بما رحب ونضطر إلى أن نشرع النوافذ رغم برودة المكان حتى تحلق أرواحنا في الفضاء وتعود.. مخنوقة!!

ما علمتُ يا أم سالم أن موجة الغبار ستملأ المكان إلا عندما حلقت روحي ثم عادت شهباء شعذا!!! مسور هذا الكون بكل أنواع الحواجز والأقنعة فما عدنا نرى وجها واحدا نعرفه ثم نلتقي به مرة أخرى ولو من أجل الصدفة.. والذين يقعون على خارطة الجزء الأهم من حياتنا يتناوبون مع السنين علينا وكأن للعمر متسعا طويلا ولم يدركوا قط أن هادم اللذات يأتي هكذا فجأة ودون أن يطرق الأبواب أو يطلب الإذن!!

وأولئك الذين يهربون منا مجرد ما تتسلق حاجاتنا إلى كواهلهم علينا أن نكون قادرين تماما على إسقاطهم من سجلات حياتنا ونقتل كل لحظة حنين تسوقنا إليهم أو لحظة فكر تجعلنا نعاتب الأحداث لماذا كشفت لنا عنهم وجعلتنا هكذا ضحية الحقيقة الموجعة واللحظة المؤسفة وحينما تلمع دمعة اشتياق لأجلهم يجب أن نغتالها فورا.. فمن لا يقدر ذاته لا يمكنه إطلاقا أن يقدر الآخرين.. لقد كانت صدورنا لهم مناخا.. لماذا حينما بحثنا عنهم صارت صدورهم لنا زمهريرا؟!!!

لقد كانوا يشغلوننا أكثر منا.. لماذا لم نسترعِ شيئا من اهتمام.. ورحلوا.. وما علموا أنني لا أقتفي أثر مولين الدبر!!

(التلويحة الأخيرة)

لماذا من أجل أن نتداوى بعقار (ما) تقف دواعي الاستعمال عند عارض واحد بينما تهاجمنا آثاره الجانبية سيلاً من الأمراض؟!!!

عنيزة



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد