Al Jazirah NewsPaper Wednesday  04/02/2009 G Issue 13278
الاربعاء 09 صفر 1430   العدد  13278
من الخليج إلى الأطلسي
منصور بن صالح اليوسف

 

لا أدّعي شرف السبق إلى هذا التعبير فقد سمعته عن طريق إحدى وسائل الإعلام العربية الفضائية التي أصبحت بحمد الله تنافس مكاتب العقار هذه الأيام بالرغم من وجود الأزمات المالية العالمية.. ولا أخفيكم سراً بأن هذا التعبير قد شد انتباهي وربما يكون السبب أننا اعتدنا على السماع لتعبير آخر مطابق له بالمضمون وهو (من الخليج إلى المحيط).. وربما يكون السبب تكملة هذا التعبير التي لا أتفق معها تماماً لكنها تقبل النقاش والحوار على كل حال.ولو استعرضنا المنطقة من الناحية الدينية والتاريخية لوجدنا أنها أرض الرسالات الربانية كاليهودية والنصرانية والإسلام.. ومولد كثير من الرسل والأنبياء كموسى وعيسى ومحمد وغيرهم عليهم أفضل الصلاة والسلام.. كما أنها تحتضن الأماكن المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة والقدس الشريف. إضافة إلى ذلك فقد قامت بها حضارات عريقة لم يعرف لها التاريخ مثيلاً كحضارة عاد في الجزيرة والفراعنة في مصر وبابل في العراق وغيرها.

ولو استعرضنا المنطقة من الناحية الاقتصادية والبشرية والإستراتيجية لوجدنا أنها تسبح على أنهار من البترول وهو مصدر الطاقة الأهم الذي يعتمد عليه العالم في دوران آلته.. كما تضم قوى بشرية عاملة من مختلف المهن والتخصصات وتشارك في عجلة التنمية في كثير من الدول الأجنبية.. وتتميز المنطقة بموقع جغرافي إستراتيجي يتوسط الكرة الأرضية أستطيع القول من جميع الجهات (أي أرض على أربعة شوارع) أما عن المياه والأراضي الصالحة للزراعة فحدِّث ولا حرج حيث تُوجد أنهار دجلة والفرات والنيل وغيرها.. وتكفي أراضي السودان إطعام المنطقة من الخليج إلى الأطلسي لو استغلت استغلالاً أمثل.ولو استعرضنا المنطقة من الناحية السياسية لوجدنا أن أحداثها قد ضربت الرقم القياسي عالمياً وتصدرت أخبار الإذاعات والصحف والفضائيات.. ولو ألقينا نظرة إلى تلك الأخبار لوجدنا أنها أخبار غير سارة من التفجيرات والمناوشات والتراشقات.. إضافة إلى الحروب الأهلية والإقليمية والدولية التي لا تنتهي وكلما خمدت واحدة لاحت في الأفق أخرى.. ولا أدل على ذلك من حروب الخليج التي وصل عددها التسلسلي إلى ثلاث حروب والرابعة قد تكون على الأبواب.. وتجدر الإشارة إلى أن معركة أم المعارك كانت من نصيب هذه المنطقة.

ومع هذه المميزات الفريدة إلا أن العقول العربية تهاجر إلى الخارج باستمرار، وأن نسبة الأمية تصل في أحسن التقديرات إلى 50% وتزداد سنة بعد أخرى، وأن معدلات النمو متدنية، وأن مساهمة الناتج المحلي للمنطقة لا تزيد عن 1% من إجمالي الناتج العالمي.. أما عن الصناعة الثقيلة والإلكترونية فقد وكلنا لها الخواجة ولا نريد أن نُكلف أنفسنا بالعمل الثقيل والدقيق بالرغم من وجود بطالة مخيفة في المنطقة لم تتردد في الذهاب إلى رحلة التهلكة عبر غياهب البحار والمحيطات بحثاً عن العمل.ولا شك أن هناك أسباباً تعوق التنمية في هذه المنطقة منها ما هو داخلي ومنها ما هو خارجي ولكن المسئولية الكبرى تقع على أهل هذه المنطقة ولا أحد غيرهم.. وكما قال الله سبحانه وتعالى: (بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ. وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ) سورة القيامة الآيات (14، 15).. ولكن يمكن أن أتساءل مثل ما تساءل التعبير الذي أشرت إليه في العنوان حيث ورد منه الآتي: (من المحيط إلى الأطلسي ولا أي حد بيختشي) وإن كنت لا أتفق تماماً مع هذا التعبير.. لكن التساؤل لا يزال مطروحاً حتى ترد الإجابة الكافية الشافية عليه من الخليج إلى الأطلسي.. والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.

*عضو هيئة التدريب بمعهد الإدارة



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد