Al Jazirah NewsPaper Monday  05/01/2009 G Issue 13248
الأثنين 08 محرم 1430   العدد  13248
نهارات أخرى
المرأة ودخول الإنترنت بمحرم!
فاطمة العتيبي

 

من المؤكد أن هذه الأخبار المتلاحقة التي تبثها الصحف عن نجدة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لفتيات لجأن إليها لإنقاذهن من الابتزاز الرخيص الذي يواجهنه بسبب تعاطيهن مع التكنولوجيا الحديثة.

هذه الأخبار تحيلنا إلى الفتوى الشهيرة التي لا تجيز دخول المرأة للإنترنت إلا مع محرم.. يرافقها ويطلع على متصفحها ويشرف على أحاديثها في الشات وعلى إيميليها ومن تراسل ومن يرسل إليها.. والمنتديات التي تشارك فيها و.. و.. و..

* يُغلق كثير من الأسر الأبواب على بناتهن.. ويطمئن الأب لجلوس الفتيات ومكوثهن في غرفهن.. فهن (ستيرات) نائيات بأجسادهن عن كل خادش قد يعترضهن ويوقع العائلة في الحرج..

المزاليج مغلقة.. لكن الشاشات (انفتحت) على الآخر. وزيارة (اليوتيب) تثير في داخلك أسئلة مزلزلة..

سعوديات يرقصن في مدرسة..

سعودية في غرفة نومها..

سعودية في مقهى خارج البلاد..

سعودية..

سعودية..

* في مواقع أخرى تتبادل النساء الصور والآراء حول (فساتينهن) وفساتين أطفالهن بمناسبات الأعياد والأفراح..

* وفي موقع آخر عروس سعودية تعرض (جهازها) بأثوابها وأحذيتها وإكسسواراتها وملابسها الخاصة جداً.. وتطلب رأي الناس فيه وفي ذوقها..

* لا يمكن أن تجد مثل هذا في أي بلد في العالم..

المزاليج المغلقة..

جعلت الفتيات يفتحن فجوة عظيمة في أسقف غرفهن.. طالبة في مدرسة متوسطة في الرياض تقف بثوب قصير جداً ولا تظهر وجهها وتظهر خلفها مدفأة منزلها المميزة.. عرفت صديقاتها وقريباتها أنها صاحبة (السيقان) المكشوفة..

أدى هذا إلى خلافات حادة.. وطلق الأب زوجته لأنها لم تراقب ابنتها المراهقة وهي تنشر صور (ساقيها) في الموقع.. (!!!).

* هذا النهم الشديد والجوع الفاتك لسماع لكمة ثناء ومدح.. التوق إلى الحب.. التوق إلى الاهتمام.. التوق إلى طرف آخر يثني ويقدر هذا الجسد المحاصر بالمزاليج.. والذي وجد فجأة فجوة عظيمة وسرية تتسع فوق رأسه..!

* سنوات طويلة ونحن نعبئ فتيات المدارس.. ونقول لهن أجسادكن.. حاذرن منها.. فأنتن نعاج وفرائس..

* الإنسان يكون كما توحي له.. لا يخالفك في ظنك الذي تتوقعه..

حين تقول لابنك (أنت غبي) أو (أنت جبان)..

لن يخالف توقعاتك.. إنه سيسير وفق نظرتك له.. مثلما لو قلت له أنت (شجاع) وأنت (ذكي) الإيحاء محرك مهم في الشخصية.

** غذينا فتياتنا بفكرة (الجسد)..

حتى صرن ينشرن صور سيقانهن حتى يظفرن بكلمة ثناء تشبع فيهن الشعور بآدميتهن..

فلقد حاصرنا آدميتهن بفكرة (الجسد)..

** اختفت بناتنا خلف أسماء مستعارة وأغلقن المتاريس عليهن بالغرف الخاصة..

ورافقهن عبر الأجهزة والأسلاك شبان من كل نوع ومستوى.. يتحدثن معهم.. ويغدقون عليهن بالتغذية العاطفية ثم لا غرابة في سقوطهن بأيدي هؤلاء الأشرار..

فقد قلنا لهن طويلاً إنهن (نعاج وفرائس).. ولم يخالفن لنا ظنا.. كن كما توقعناهن تماماً!!

لم نقل لهن يوماً..

أنتن مسؤولات.. أنتن آدميات بعقولكن.. بعلمكن.. بوعيكن.. باختياركن للفضيلة لأنها الخيار الآمن.. وليست الطريق المفروض عليكم.. بل اخترنها بأنفسكن.. بوعيكن.. بدون مزاليج أو أقفال..

أنتن وإخوانكن سواء.. ثمة جنة واحدة.. ونار واحدة.. وإله واحد.. وطرق متعددة تتحملن وحدكن اختياراتكن في الحياة.. فأنتن مسؤولات..

* لو كنا نقول مثل هذا.. لما وجدنا أنفسنا نحن النساء محرومات من الاستفادة من التكنولوجيا مثل كل خلق الله فمن هي المرأة التي تصور مع زوجها وأطفالها في (الجوال) وتسجل محطات حلوة في حياتها وهي آمنة من الأشرار ومن هي المرأة التي تضع صورها في ملفات خاصة في حاسوبها..

إن النساء محاصرات بالخوف فيغلقن على ذكرياتهن الجميلة خزاناتهن السرية والتي تطورت من ألبوم صور ثم شريط فيديو إلى (فلاش مومري) يغلقن عليه الحديد.. ويطمئنَّ على وجوده كل مساء.. ويخفن عليه مثل خوفهن على أبنائهن أو أشد..!!

* ظاهرة الابتزاز الرخيص.. ستختفي ليس بجهود (الهيئة) وسعيها فقط لسن قوانين تجريمية لأشرار التكنولوجيا بل وأيضاً وهو الأهم.. بإعادة النظر في الثقافة الموجهة للفتيات وإعادة تشكيل السلم القيمي للنساء وإعادة جدولة لتراتبية الأهم فالمهم.. في وعي المرأة ونظرتها لذاتها!..

* حتى لو دخلت (المرأة) الإنترنت برفقة محرم.. فلن يدخل معها (المحرم) إلى ضميرها.. إلى وعيها.. ولا بد أن ندرك حتى لو (متأخراً) أن الفضيلة اختيار وقرار.. وإلا لمَ خلق الله جنة ونارا.. وعقولا تفكر وتختار..؟!



fatemh2007@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد