هي كنز مفقود موجود يُبحث عنه بعيداً لكنه قريب, بُحث عنه قديماًَ وحديثاً يطلبه الصغير والكبير.... إنها السعادة, نعم السعادة هي التي يبحث عنها الملك فيجدها لدى المملوك, عجباً! ملك يبحث عنها والأعجب يجدها عند ذاك.... إنها الآسِرة ومبتغى العباقرة. هي في متناول اليد بل أقرب من ذاك....
هي الشعور بالرضا والأمان والأمن الداخلي وهي مستمرة سرمدية, لا لحظية...
يا هذا تلك موجودة لدى الملك والغني وكل من كان ذا مالٍ وجاه.. ماذا دهاك؟.. انظر إلى خبره صلى الله عليه وسلم وهو أن جبريل أتاه فخيره بين الدنيا والآخرة, فاختار الآخرة ولم يرد الدنيا, خير بين حياة سرمدية يعيش فيها ملكاً وبين ملاقاة ربه, فاختار لقاء ربه, انظر وأمعِن.. شخص موعود بالملك المستمر ويرفضه, ما معنى ذلك؟ أهو لا يريد السعادة؟ تلك السعادة الحقيقية التي يملكها الشخص لذاته؛ كلمة أقولها وقد قيلت لكن بدون شواهد على ذلك فأردت أن أبرهن لكم أن السعادة مُلك للشخص نفسه لا يملكها غيره، فهو الذي يريد السعادة ويختارها لنفسه لا يؤثر عليه أي شيء من خارجها. قلت لكم خبر محمد هذا هو.
لكنه صلى الله عليه وسلم رسول مرسل مؤيد وهو أفضل الخلق فَتحِق له تلك السعادة وهذا الاختيار!
لا مشكلة الشواهد كثيرة وإليكم خبر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وكلمته ألا وهي: (ما يصنع أعداي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري, وقتلي شهادة, وإخراجي من بلدي سياحة).. يا الله!! هل من شيء أبلغ؟ ما الذي أوضح وأفصح من ذلك, لكن أين المتعلم المتدبر؟
نعم جزيت خيراً هذه واضحة لكن انظر متى قالها؟ في أي زمن؟ في ذاك الوقت النفوس عالية مشرئبة تروم كل نفيس وغالٍ.. هذه شخصية فريدة.
يا رب ما تلك النفوس؟ تَأمُل أن تكون من أصحاب السعادة وتبحث عنها, تريد الثريا وهي مقيمة في الثرى, يذكر خبر محمد فيلتمسون الأعذار, ويذكر شيخ الإسلام فيجيبون: هؤلاء لامسوا العلا؛ وكيف يريدون العلا وهم لا يمتطون مُهرَها, ولا يسلكون دربَها. لكن أوجز فأقول: هناك خبر عام لكل الأنام سواء نبيا مرسلا أم صالحا صابرا، لكل الخلق أجمع؛ تمعنوا في قول الحبيب صلى الله عليه وسلم الذي رواه مسلم في صحيحه: (إن الله لا ينظر إلى صوركم وألوانكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم)...
إذن السعادة تكون من الباطن، فربنا يريدنا سعداء؛ ولو كنت السعادة بالمظاهر لكان الملك والغني أسعد الناس, ولم يبق للملوك والمعدوم سعادة... فيا الله ما أحكمك!!
يوسف بن عبدالله اليوسف
yo15to10@hotmail.com