Al Jazirah NewsPaper Thursday  01/01/2009 G Issue 13244
الخميس 04 محرم 1430   العدد  13244

في مطلع العمر
د.نور الوائلي

 

في مطلع العمر والآمال تشتعل

والفكر في الموت عنه القلب منشغل

شيخا رأيت مع الآلام منطويا

والموت فيه وفيه للقذى ذلل

نادى: بنيَّ وصوت الحزن يغلبه

هلا سمعت كلاما صاغه الأجل

ان الحياة قطار سيره عجل

فيه المكوث قصير جله الجلل

القاطرات كألوان على قزح

فيها السواد وفيها الأبيض العسل

فيها المسافر ولهان إلى هدف

أن نال منه علاه الحرص والأمل

يبني بقاطرة والموت سائله

تبغي المكوث وعنها أنت مرتحل

الموت ينطق والأصوات منبعها

موت الخليل, فهذه للردى رسل

موت الصحاب وموت الأهل يا ولدي

للمتقين بيان للردى قبل

هذا الكلام لكم يا شيخ لا عجبا

نحن الشباب لنا في العمر مقتبل

حقا أجاب ودمع العين يسبقه

ان الشباب معي في الركب منتقل

هذا القطار يسوق الخلق قاطبة

الفقر فيه وفيه من له كلل

ان عشت في السعد دهرا أو بلا وجع

فالعمر يجري وأنت الخاسر الشغل

اعمل لدنياك في تقوى وفي ورع

فالرزق يكفل والأعمار تكتمل

ما أجمل العيش بالإيمان يا ولدي

فالعيش في الشرك ضنكن ما له حلل

إن الحياة بتقوى الرب مزرعة

فيها العطاء وفيها للتقى ظلل

ما يثلج الصدر من هم ومن جزع

الا الصلاة, ففيها للسما مقل

ان كان يصدق فالأيام واسعة

فيها أعيش ويوما سوف أعتدل

ماذا تقول وسيف الموت منبسط

لا يعرف الشيخ من طفل إذا يصل

دع عنيَ الموت ما للموت من فزع

فالجسم صلب ونفسي ما بها خلل

اليوم انت قوي حين تحسبها

لكنّ يوما بك الأوجاع تكتحل

العسر في الدهر قد يعطيك مفترجا

لكن عسرا به الهامات تنفصل

الدهر يبليك يوما قد ترى أملا

والكرب فيه ليوم العسر متصل

لكن قلبي شباب عمره مدد

والقلب يا شيخ للّذات يحتفل

مهلا فمهلا فلا تغتر يا ولدي

فالعمر يعجز من ناخت له السبل

عنه بعدت وقلبي كاد يسألني

ماذا يقول, خرافات بها هزل

قابلت دهري بزهو لا حدود له

والعزم فينا جبال ما لها قلل

كالصخر حربا أجاب الدهر مقتبلي

والسهم منه لجرح القلب منهمل

صارعت دهري وناسا ما لهم ذمم

من أجل خبز ولذات لها جبلوا

كاليوم مرت سنين العمر مسرعة

والموت فيها قريب ما له كلل

قد غاب عني بأن العمر قاطرة

حتى صحوت وشيب الرأس يشتعل

قد نلت مني أيا موت فلا عجبا

ان تحبس الروح, في الأجسام تعتقل

ماذا جنيت من الدنيا؟ وربك لا

اهل تواسي ولا الآلام تحتمل

ماذا يفيد وقد مالت بنا سفن

والبحر طين وما دارت به عجل

آهٍ تراني جلست اليوم مجلسه

والحزن في النفس جرح ما له مثل

كالطفل عدت يتيما دون والدة

كالطفل عدت, فهل يأتي لي الأجل؟

حاجات جسمي لها الأدرار مغتسلا

والجلد فيه قروحا هدّها الشلل

ناديت عونا فلا من منجد وأبي

بالعطف يمسح عن جسمي فيغتسل

ناديت ألفا لعون من لظى ألمي

والنطق للعون من صم به مَلل

لا تنفع اليوم آهات ولا ندم

فالجسم عجز وفيه للقذى مِلل

بين النوائب والأوجاع أيقظني

طيف لشيخ وقد أعيانيَ الوجل

من أنت؟ شيخ التقى قد جئت ترشدني

فات الأوان لمن للنصح قد ثملوا

يا ليتني لك يا شيخ التقى أذن

للنصح سامعة, للعقل ممتثل

لكن طيشا هوى في النفس عاصفة

لا تعرف الخير من شر وان عزلوا

مرحى لمن عاش في الدنيا بلا طمع

والقلب فيه لذو الغفران يبتهل

لم يبق غير دعاء للسماء به

أرجو العظيم بأن يعفو وينتشل


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد