Al Jazirah NewsPaper Thursday  04/12/2008 G Issue 13216
الخميس 06 ذو الحجة 1429   العدد  13216

حافلة عنيزة
عبد الرحمن بن عبد العزيز المذن

 

في يوم السبت الأول من شهر ذي الحجة عام أربعمائة وتسعة وعشرين بعد الألف من الهجرة النبوية انطلقت هذه الحافظة تقل محافظ عنيزة المهندس الأستاذ مساعد بن يحيى السليم، وبرفقته نخبة طيبة من أهالي عنيزة قاموا بزيارة ودية أخوية لأهالي محافظة الرس الأفاضل، طابوا وأُكرموا. وقد كنت من بين الإخوة الأفاضل الضيوف، وكنت أترقب هذه الزيارة الخيّرة بشغف؛ لأطلع مع غيري على معالم الرس والاجتماع مع الإخوة الأشقاء؛ لتبادل حديث المودة تحت سمائها وبين أبناء المحافظتين.

كان أول محط الحافلة في منتزه جبلي القشيع جنوب غرب الرس، وقد أُعدّ هذا المنتزه إعداداً رائعاً لهذا الاستقبال وإفطار الصائمين. كان هذا اللقاء أخوياً يجسد عرى المودة والمحبة بين أبناء المحافظتين، ولا غريب في هذا؛ فقد كان ارتباط المدينتين منذ زمن بعيد نسباً وصهراً وتواصلاً بين رجالاتها؛ فهم منا ونحن منهم، وبعد أن أديت صلاة المغرب في هذا المنتزه انطلقت الحافلة بأهلها يرافقهم الأستاذ الشاب أبو مشاري محافظ الرس وأحد المواطنين الأفاضل صاحب مرح وقصص إلى مرقب الشنانة، وكان عند المرقب الإخوة الأفاضل هناك بترحيب وبشاشة وجه، وكانت هناك نكتة تحدٍّ من صاحبنا المرافق أبي تركي قال: من يصعد هذا المرقب؟ فله منا أهل الرس مكافأة قيّمة وهي (....) والمعنى في بطن الشاعر. قال ذلك يتحدى؛ فحرص كل واحد منا على الصعود لهذا المرقب لينال المكافأة الغالية، وأنا أهمّ بذلك الصعود - وكنت أول من همّ بهذا، جلست على الأرض أتذكر قول الشاعر:

ألا ليت الشباب يعود يوماً

فأخبره بما فعل المشيب

تمنيت الصعود لا للمكافأة؛ فلست من أهلها، ولكن لأرى الأثر الأثري الذي يدل عليه هذا المعلم التاريخي وما بذل فيه من جهد في وقت تقل فيه المادة في يد الرجال. ولكن عصام الرجال تتحدى كل عائق. فرحم الله من قام بهذا الجهد وبارك في أبنائهم. بعد هذا توجهت الحافلة بمن فيها ومرافقيها إلى البيت النجدي الأثري (نوع من الفن والبذل والعطاء من أبناء محافظة الرس)، بُسطت جلسة شعبية هنالك، وتناول الجميع أنواع مسحبات الشاي والأقط والتمر، وتبودلت الأحاديث والنكت مع القائمين عليه، يحيطها أبناء الرس الأفاضل.. إنها جلسة شعبية رائعة تعطي صدق المحبة والوفاء من محافظة وأعيان الرس. بعدها انطلق الجميع لتأدية صلاة العشاء في الجامع الكبير (جامع العذل) داخل السوق التجاري الذي ترجم الأفكار إلى واقع عملي ومحسوس، كما أشير إلى ذلك في كلمة أسرة المركز في تقريرها الإعلامي. هناك وجدنا نخبة طيبة من الأهالي من بينهم شيخنا الفاضل (أبو عبدالله) إبراهيم بن عبدالله الدويش الداعية الإسلامي المسؤول عن هذا المركز، وكثيراً ما كنت أسمع عنه وأقرأ له فإن حديثه ينفذ من القلب إلى القلب، علماً بأنني لم أقابله من قبل هذا، مع أن اللقاء بيننا واجب، فهنيئاً لمدينة الرس بمثل هذا الرجل الطيب المخلص. في هذا المركز ألقيت كلمات وقصائد ترحيبية من إخواننا عطرها يفوح وصدقها لائح، تحدث محافظنا الأستاذ المهندس مساعد بن يحيى السليم فأثنى وعبّر عن مشاعر الجميع وقدّم الشكر، وأوضح ترابط الأسرتين في هاتين المدينتين (الرس وعنيزة)، ووددت أن أدلي بدلوي في هذا اللقاء المبارك لأعبر عن مشاعري عن هذا الصرح المبارك، ولكن الحياء وعدم أخذ الإذن مسبقاً من أهلي حال دون ذلك، وتمنيت وأنا أتحول مع رفاقي داخل المركز أن يوافق إخواني المعنيين بالجمعيات الخيرية والأهلية في عنيزة أن يحذو حذوهم لإظهار مثل هذا المنبر الفعّال، ولا أبرئ نفسي من ذلك؛ فهم الرجال تذلل بهم الصعاب. بعد هذا اللقاء المبارك توجه الجميع إلى منزل المحافظ لتناول طعام العشاء، فشكراً لمحافظ الرس، وشكراً لأهلها الطيبين على ما لقيناه من حفاوة وإكرام لا نستطيع الوفاء بحقهما، ولكم أقول: أرض الرس منبسطة؛ لذا فقد أثر هذا الانبساط على بساطة قلوب أهلها. فهنيئاً لهم على أخلاقهم، وهنيئاً لمدينة الرس برجالاتها الأفاضل، وشكراً لأولهم وآخرهم.. وختاماً أقول إن اللقاءات بين أبناء ورجال المنطقة ومحافظاتها لها دور فعّال في تلاحم عرى المحبة والوفاء في مملكة المحبة والوفاء. شكراً من أعماق قلبي لأعيان محافظة الرس؛ فهم منا ونحن منهم.

- إمام وخطيب جامع الضليعة في عنيزة


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد