الفضاء العربي يموج بقنوات فضائية لا حصر لها، ولا حصر لتخصصاتها وأهدافها. ولكن على كثرتها لا نجد من بينها قناةً واحدةًً خاصةً بذوي الاحتياجات الخاصة، تهتم بشؤونهم اهتماماً يتناسب مع حاجاتهم للتواصل مع مجتمعاتهم في كل المجالات، فلِمَ؟
إن قلة أعداد هؤلاء بكل فئاتهم مقارنةً بالعاديين بالنسبة لسكان العالم العربي ليست عذراً ومبرراً لتهميشهم وعدم إنشاء قناة تلفازية خاصة بهم، فكل معاق له أسرة ينتمي لها ويهمها أمره، وله دائرة أصدقاء يحبونه ويهمهم أمره، وله فوق ذلك كله وطن يسكنه أناس أخيار محبون له ويهمهم أمره، وكل هذا يدعونا للتساؤل:
لماذا نبخل عليهم بصفحة شهرية في صحيفة محلية أو صفحات في مجلة؟ ولماذا لا يكون لهم حضور في وسائل الإعلام الأخرى، غير إشارة أو التفاتة عابرة في برنامج إذاعي وتلفازي، أو مترجم إشارة يظهر حيناً في برنامج ما، ويغيب أحياناً كثيرة؟
ثم نأتي على السؤال الأكبر والأبرز والأهم: لماذا لا تكون لهم قناة فضائية خاصة؟ فعالمهم عالم واسع ورحب وليس ضيقاًً ومحدوداً كما يتخيل البعض منا!
إن المبادرة في إنشاء مثل تلك القناة ليس غريباً على أهل تلك البلاد الطاهرة التي تُعد مملكة خير ورخاء لمواطنيها ولكل مقيم عليها، بل إن خيرها وصل إلى كل أصقاع الأرض دون تمييز بين البشر، فهل نرى مُبادِراًً يبشّرنا (بمتنفَس فضائي) لتلك الفئة العزيزة الغالية علينا جميعاً؟
إنهم بحاجة لمن يُظهر أفراحهم، وينثر إبداعاتهم. فهم في بيوتهم آباء وأمهات مبدعون في التربية، وفي أنديتهم لهم محاضرات ومناقشات وألعاب ورسومات لا مثيل لها.
إن لغة المعاقين عالية البيان، وإن (أصوات ونظرات وحركات) المعاقين بكل فئاتهم بحاجة لمن يرفعها عالياً في فضائنا المحلي ومن بعده الفضاء الإقليمي ثم العالمي، وهذا ليس منةً عليهم أو معروفاً يُسدى لهم، بل هو حق من حقوقهم، وواجب على المجتمع برمته دون استثناء.
لا أبالغ إنْ قلت إنَّ قناةً مختصةً بشؤون وشجون المعاقين بمثابة شمس مشرقة تزيل ظلام تغييبهم، متى ما أُُنشئت بحرفية إعلامية، وصحب ذلك نية صادقة بجعلها عيناًً للمكفوف منهم، وأذناً ولساناًً للأصم، ويداً ورجلاً للمشلول أو المُقعَد منهم.
ولا أقول إننا سنصفق كثيراً، أو سنرفع قبعاتنا احتراماً وشكراً لصاحب السبق في إنشاء مثل تلك القناة، بل إننا سنقول له: جزاك الله خير الجزاء، وسنقف معه بالكلمة والفكرة من جهة، والمتابعة والتشجيع والتأييد من جهة أخرى، فيا ترى مَن سيكون صاحب المبادرة والسبق؟
Al-boraidi@hotmail.com