يتردد كثيراً في وسائل الإعلام المختلفة الحديث عن المنهج الذي يتبعه جل وزراء الداخلية سواء في عالمنا العربي، أو في العالم أجمع من حيث وصف شخصية وزير الداخلية، وذلك في غرابتها، وسوء تعامله مع مواطنيه، وأنه لا يظهر إلا بوجود مشكلة كبيرة في البلاد.
ومن المؤكد أن بعض الأقلام العربية خاصة، تقذف بكلمات جارحة، وعبارات مشينة لبعض هؤلاء المسؤولين الذين حملوا على عاتقهم حماية البلاد، والمحافظة على سلامة الناس.
لكني هنا أختلف مع كل هؤلاء الكتاب في أن توضع العين الساهرة، ورجل الأمن الأول في الوطن الحبيب المملكة العربية السعودية صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز - حفظه الله - ضمن هذه المجموعة، فسموه يختلف في أسلوب تعامله مع المواطنين، كما أن له منهجا مغايرا عن غيره من وزراء الداخلية في الكثير من الدول، فهو شخصية هادئة، متعقل في قراراته، محب للخير ويسعي لتحقيقه لمن يصله، كثير الظهور في الساحة الشعبية السعودية، تبنى العديد من المشروعات الفكرية، وقام بقيادة العديد من البرامج الهادفة والمشروعات العملاقة التي هي من اهتمامات سموه الشخصية، وحبه لنجاح تلك الفعاليات البناءة مثل أنشطة جامعة الأمير نايف الأمنية وغيرها.
ففي 26-11-2008م، دشن سموه الكريم القناة الجامعية التعليمية والإلكترونية الخاصة بمكافحة الإرهاب، وألقى سموه كلمة ضافية وافيه حدد فيها الإطار العام للمواطن السعودي الصالح النافع لنفسه وأسرته ومجتمعه ووطنه، فقد قال سموه: (إن سلامة الإنسان مرهونة بسلامة فكره وعقيدته)، هذه العبارة تحمل في طياتها الكثير من العبر والتوجيهات، وهي عنوان لدراسة شاملة ذات محاور رئيسة في مجال البحث التربوي والنفسي والفكري كما أنها دلالة واضحة على أن ما حدث من أعمال تخريبية من مجموعة من الشباب السعودي المسلم المغرر به له أثره، فما حدث واضح وجلي أنه أثر في نفسية سموه، فقد عمل بكل جهد واجتهاد، لتوعية الشباب من الانخراط في هذا العمل المشين الذي لا يقبله دين أو مذهب أو مجتمع، وأن الواجب يحتم على كل مسؤول أن يعمل للمشاركة في التوجيه والإرشاد لشباب المجتمع السعودي.
كما أن النصح والإرشاد موضوع شامل ومفهوم واسع على كل المستويات ونصيب وزارة الداخلية فيه قليل، لأن هذا هو واجب ومسؤولية المؤسسات الحكومية التعليمية والتربوية سواء المدارس أو المعاهد والجامعات، وبعد هذا الحديث التوجيهي على تلك الجهات مشاركة سموه في العمل الجاد المخلص لحماية الشباب من أنفسهم ومن نزغات الشيطان، فالتربية الصحيحة تبدأ من البيت ثم تليها المدرسة ثم يتابع في الكلية أو الجامعة حتى يصل هذا الشاب إلى بر الأمان، وذلك بأن تضع وزارة التربية والتعليم برنامجاً ثابتاً خلال السنة الدراسية يتفرغ فيه الطلاب والمعلمين وإدارة المدرسة لتوجيه الطلاب نحو الأخلاق الحميدة والقيم العالية المستمدة من الشريعة الإسلامية، وتوضيح أن الإسلام دين وسط، والابتعاد عن التشدد في الكثير من المفاهيم، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة عندما كان في حجة الوداع حيث رد على كل من سأل عن مساءلة، حيث قال (افعل ولا حرج).
لهذا لو أن المعلم والمعلمة والأب والأم وأمام المسجد والجميع في المجتمع السعودي أخذوا هذه السمة العظيمة من رسول الله في التعليم والتوجيه وأن الدين الحنيف دين سعة ويسر ووسطية لما حل بشبابنا ما حل، كما أود أن يشارك كل مواطن غيور محب لهذا الوطن الكريم المعطاء في توجيه الشباب سواء في الشارع أو في أي تجمع لهم التوجيه السليم.
فالواجب والمسؤولية تحتاج من الجميع العمل المتواصل دون توقف وانقطاع حتى يكون شبابنا في بر الأمان، وأن تكون تلك البرامج جزءا من الخطة الدراسية المدرسية المعتمدة حتى لا تعطي الفرصة لأي اجتهاد، كما يجب أن يوضع منهج تربوي لإبراز الأخلاق الحميدة والقيم العالية ودور الشاب المسلم الصالح في مجتمعة، ووطنه.
والله ولي التوفيق،،
- باريس - المندوب الدائم للمملكة لدى اليونسكو سابقاً