لابد لكل مسافر من زاد يتزود به في سفره ويعينه على بلوغ غايته، وسفر الحج من الأسفار التي تحتاج إلى عناية خاصة لأنه سفر عبادة وقصد لبيت الله الحرام على وجه مخصوص وفي زمن معين، فلابد أن تكون حقيبة سفره قد أعدت إعداداً كاملاً بكل ما يتطلبه السفر حتى يرجع. وهناك زاد لا ينفك عنه في سفره وإقامته ومن أهم ذلك:
1 - زاد التقوى: وهو خير زاد وخير لباس كما قال تعالى بعد ذكر آية الحج: {وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ}وقال سبحانه في آية أخرى: {وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ}فعلى الحاج أن يتقي الله في حله وسفره بأن يكون نقياً طاهراً ظاهراً وباطناً بأن يعمل بطاعة الله يرجو ثوابه ويتجنب المعاصي والآثام خشية عقابه، فإن ذلك من علامات القبول كما قال تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}.
2 - التوبة النصوح من جميع الذنوب والآثام.
حتى يذهب للحج وقد طهر قلبه من أدران الذنوب والمعاصي فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له والله تعالى يقول: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
3 - الإخلاص: بأن يكون مخلصاً لله في سفره
لا يريد رياءً ولا سمعة فإن الرياء محبط للعمل. والإخلاص في العمل زاد المتقين ووسام الصالحين، فالله لا يقبل من العمل إلا ما كان صالحاً وابتغى وجه الله.
4 - التخلص من المظالم ورد الحقوق لأصحابها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من كانت عنده مظلمة لأحد فليتحلله اليوم قبل ألا يكون دينار ولا درهم..) وليتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب.
5 - الإكثار من الذكر والدعاء والاستغفار فإن ذلك زاد المخبتين ويحفظ لسانه عن الهفوات والزلات فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه).
ومن الدعاء المأثور في السفر إذا شرع فيه أن يقول: (اللهم إني أسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى، اللهم هون علينا سفرنا واطو عنّا بعده اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في المال والأهل اللهم إنا نعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنظر وسوء المنقلب في المال والأهل والولد).
ويكثر الدعاء والتهليل والتكبير فإن أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة أما زادك الحسي أيها الحاج فإنه السبيل الذي جعله الله شرطاً لوجوب الحج في قوله تعالى: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}.
وقد فسر السبيل بالزاد والراحلة فمن وجد زاداً يكفيه في سفره حتى رجوعه وآلة تنقله من بلده إلى البلد الحرام فقد وجب عليه الحج وتعين سعيه إليه. ويكون هذا الزاد فاضلاً عن قوت من يمون فقد ورد في بعض الآثار أن الرجل إذا وضع رجله في الغرز حاجاً بنفقة طيبة حلال ناده منادٍ من السماء: لبيك وسعديك نفقتك حلال وراحتك حلال وحجك مأجور غير مأزور فليحرص الحاج على النفقة الحلال الطيبة فالله طيب لا يقبل إلا طيباً.
ومن زادك أيها الحاج: الرفقة الطيبة، فعليك بالرفيق الصالح الذي يعينك على الحق ويدلك عليه فهو مستشارك في سفرك فيا حبذا لو كان من طلاب العلم الذي يعينك بعلمه ويرشدك ويبين لك أحكام الحج.
هذه أهم الخطوات التي على الحاج العمل بها وتوفيرها حتى يتم نسكه على الوجه الأكمل.
- الأستاذ المشارك في المعهد العالي للقضاء