Al Jazirah NewsPaper Thursday  04/12/2008 G Issue 13216
الخميس 06 ذو الحجة 1429   العدد  13216
موسم الحج وشرف المسؤوليات
د.عبدالرحمن بن سليمان الدايل

لقد شاءت إرادة الله العلي القدير أن يجعل أقدس بقاع الأرض في حضن هذه البلاد الغالية، فهذه مكة المكرمة مهبط الوحي ومشرق النور وقبلة المسلمين في كل مكان، وهذه مشاعر الحج تزهو فوق أرض بلادنا الغالية لتشهد كل عام جموع الحجيج ضيوف بيت الله الحرام يفدون من كل فج عميق لأداء هذه الفريضة التي لا تتم إلا في هذه المشاعر المقدسة التي تتشرف بلادنا بخدمتها وتيسير الوصول إليها والتنقل فيها، والإقامة بأمان واطمئنان وصحة وسلام في جنباتها.

وهنا في المدينة المنورة تسعد بلادنا بخدمة من يشدون الرحال إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ويأتون من مختلف بقاع المعمورة لينعموا بالصلاة في أحد المساجد التي لا تشد الرحال إلا إليها وليفوزوا بالسلام على رسول الإسلام وصحبه الكرام رضي الله عنهم.

إنَّ هذا الشرف الذي لا يَعْد له شرف في هذه الحياة والذي تناله المملكة قد نظرت إليه منذ تأسيس كيانها على أنه تكليف عظيم وشرف كبير يتطلب منها أعمالاً جليلة تتناسب مع حجم المسؤولية التي تنبع من عظمة هذا الشرف الذي حظيت به منذ عرف الناس أول بيت وضع لهم على سطح هذه الأرض.

ويشهد التاريخ على تلك الجهود الحثيثة التي تواصلت من قبل قادة المملكة للقيام على خدمة بيت الله الحرام والمشاعر المقدسة ومسجد رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام، وقد امتدت هذه الخدمة في العهد السعودي الميمون منذ الملك المؤسس عبدالعزيز يرحمه الله وتواصلت وتطورت، واتسمت بشمولية الخدمات لكافة النواحي العمرانية والتوسعية والخدمية، فصارت المساحة تتوسع كل فترة وأخرى لتتناسب وجموع الحجيج المتزايدة في كل عام وأصبحت التوسعة في المسجد الحرام ومسجد الرسول الكريم شاهدة على عظمة الإنجاز الذي يقف خلفه حرص شديد من الدولة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين على خدمة الحرمين والضيوف الكرام، كما صارت الخدمات التي تقدم لأولئك الضيوف موضع تقديرهم وثنائهم، ولم يعد خافياً ما تتناقله وسائل الإعلام عن حجم تلك الخدمات ومستواها منذ أن تطأ أقدام الضيوف أرض الوطن عبر منافذ الدخول إليه.

إن هذه المنظومة من الخدمات الأمنية والصحية والتوعوية وغيرها من الخدمات المتكاملة التي تقدمها المملكة يعتبره القائمون عليها والمسؤولون عنها شرف وتكليفاً ومسؤولية كبرى يتحملونها بتبعاتها وما يترتب عليها من واجبات تقع عليهم لتيسير أمر الحجيج وتوفير سبل الراحة والسعادة لهم ليؤدوا مناسكهم في الخشوع المطلوب والسكينة اللائقة بجلال هذه الأماكن المقدسة، ولذلك لا تألوا المملكة جهداً ولا عملاً ولا مالاً إلا وقدمته بل وسارعت نحو تقديمه عن قناعة شرف التكليف وشرف المجال الذي تخدمه وتقوم على شؤون تيسيره.

ولست هنا في مجال التفاخر بما تقدمه أجهزة الدولة المختلفة في هذا الميدان العظيم فما تقوم به وزارة الحج معروف وشاخص للعيان لدى الحجاج قبل أن يغدوا ضيوفاً إلى هذه البقاع الطاهرة من حيث التنسيق والتيسير والتنظيم وهو معروف أيضاً للجميع خلال موسم الحج الذي تمكنت الوزارة بجهودها المشكورة أن تجعله موسماً للثقافة الإسلامية والتوعية لوفود الحجيج بذلك الحس الإعلامي المعروف لمعالي وزير الحج.

ولست هنا بصدد كيل المديح لوزارة الداخلية على جهودها الأمنية المعروفة التي تقوم بها بإشراف صاحب السمو الملكي وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا أو لوزارة الصحة أو لغيرها من الوزارات والجهات التي تقدم خدماتها المتميزة لحجاج بيت الله الحرام، بل إن هذه المنظومة المتكاملة من الخدمات التي نتشرف بتقديمها وتقف وراءها جهود أبناء هذا الوطن كل في موقع مسؤوليته وفي شرف ميدانه، هذه المنظومة الوافية من الخدمات يقودها ويقف وراءها هذا العصر الميمون الذي تمكن بفضل الله أن يجعل موسم كل حج علامة بارزة في جبين هذا الوطن المعطاء، ولبنة تضاف إلى صرح الوطن مؤكدة مكانته في ميادين خدمة الإسلام والمسلمين وبذل كل غال ونفيس من أجلهم لتيسير أدائهم للمناسك وليسعدوا في هذه البقاع المقدسة في إطار من وحدة الهدف ووحدة المقصد والتوجه بل ووحدة الشكل والمظهر بعد وحدة المضمون والجوهر.

وها هو موسم الحج هذا العام تشرق أيامه المباركة وقد تمكنت المملكة من أن ترفع كلمة الإسلام عالية في المحافل الدولية داعية إلى التعايش الحضاري في أنحاء العالم، فقد كان لمبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز- يحفظه الله- بمبادرة ودعوته لمؤتمر الحوار بين أتباع الديانات والحضارات أثره البارز في تجميع القادة والمفكرين والدعاة من مختلف الأطياف للمناقشة والحوار عبر المنظمة الدولية ليشهد الجميع أن الإسلام هو دين التسامح وهو دين الحوار والإقناع والتعايش في أمن وسلام ويحفظ الحق والعدل ويدعو إلى الرحمة والتراحم والتواصل بين بني البشر.

لقد كانت هذه المبادرة الطيبة المباركة خطوة موفقة لترد على زيف الادعاءات والاتهامات الباطلة التي يوجهها أعداء الإسلام بدافع من حقد دفين، فتمكن خادم الحرمين الشريفين أن يرد عليها رداً عملياً فجمع العالم وعقلاءه حول مبادرته ليعلم الجميع أن الإسلام دين الوحدة والتفاهم والحق والعدل والسلام.

فما أحرانا بهذه المناسبة ونحن في موسم الحج أن نجعل وحدتنا خير شاهد على سماحة ديننا، وأن نجعل سلوكنا داخل الأماكن المقدسة المتسم بالسماحة والصفح والعفو ومراعاة حال الضعفاء وكبار السن، وأن نجعل هذا السلوك أفضل داعم لمبادراتنا ومبادرات قيادتنا الحكيمة لتوضيح الصورة المشرفة لديننا العظيم.

إن الواجب علينا نحن أبناء هذا الوطن، والواجب على كل من يحل ضيفاً في هذا الموسم العظيم أن يتوجه بالشكر إلى الله سبحانه على نعمه وأن يجعل سلوكه وتصرفاته ترجمة على شكره لرب العباد الذي أنعم علينا بشرف خدمة حجاج بيته الكرام.

حفظ الله لنا ديننا ووطننا وقيادتنا وأدام علينا نعمه العظيمة.

والله ولي التوفيق

- وكيل الوزارة بوزارة الثقافة والإعلام (سابقاً)



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد