لم أشأ أن أتحدث عن العمل الخيري التطوعي وأنا أحد المتطوعين في وزارة الشؤون الاجتماعية لأربع سنوات خلت، أما الآن وقد اعتذرت عن العمل التطوعي (لظروف خاصة) فإنه لم يَعُد في فمي ماء.
أربع سنوات قضيتها أميناً للصندوق في لجنة التنمية الاجتماعية المحلية بمحافظة رفحاء، ويشهد الله أنني لم أفكر حينها وقبلها إلاّ في خدمة المجتمع في هذا المرفق الحيوي الذي لا يتقيّد بضوابط الأعمال الحكومية وقيودها، ويتيح لي مساحة من الركض والتفكير في مشاريع ودورات وغيرها مما أراه يعكس فكري وتطلعاتي لخدمة مجتمعي، وهذا بالطبع هو مشاعر كل من قادته قدمه متطوعاً إلى العمل الخيري، ولكن دعوني أتحدث بصراحة، الآن وأنا خارج اللعبة أتحدث بحرية بعيداً عن حسابات سوء الظن المعقّدة.
إنني أتساءل:
لماذا لا يخصص جزء من المال لهؤلاء المتطوعين؟ لماذا لا يكون هناك بند مالي تحت أي مسمّى لهؤلاء؟
أنا في رأيي الشخصي أرى أنّ المتطوعين وأعضاء مجالس اللجان التنموية وجمعيات البر الخيرية ومكاتب الدعوة والإرشاد وغيرهم، يقدمون أعمالاً جليلة لا تقل أهمية عن تلك التي ينفّذها غيرهم في مجالس حكومية أخرى ويأخذون عليها مقابلاً مادياً.
أليس المتطوع يقضي ساعات عمل طويلة على حساب وقته وأهل بيته؟
الكل يعرف أنّ المتطوعين (أكثرهم على الأقل) إنما يبتغون ما عند الله من الأجر والمثوبة وهم في الغالب لا يلتفتون إلى هذا الحطام البالي من مال وغيره، ولكن وجود مقابل مادي يخلق فرصاً تنافسية هذا من ناحية، ويجعل العضو موضع المحاسبة القانونية إن هو أخطأ من ناحية أخرى دون الانزلاق في المجاملات، وتفضل العضو على العمل الخيري.
لأكون صادقاً فسنوات العمل الخيري التي مررت بها - وكانت بدايتها في الأعمال الخيرية في جمعيات البر - شكّلت لديّ قناعةً من الصعوبة أن تمحوها الأيام، ومفادها أنّ الملتحقين بالعمل الخيري - وأقصد التطوعي منه - لا يخرجون عن ثلاثة أصناف، أولهم - وهم الأكثرية إن شاء الله من يلتحقون بالجمعيات واللجان الخيرية لخدمة الناس واحتساب الأجر على الله، والنوع الثاني من يبحث عن الوجاهة أمام الناس وهذا النوع تكثر عنده الوساطات والشفاعات الحسنة والقبيحة، لدرجة أنه قد يحرج زملاءه أعضاء مجلس الإدارة، أما النوع الثالث فهو من يبحث عن المادة ويوجد المبررات الكثيرة لإمكانية استفادته المادية من هذه الأعمال الخيرية، حتى وإن كان دون وجه حق وهؤلاء هم أقلية والحمد لله .
ولقد أتاحت لي هذه السنوات لقاء أخوة وزملاء من المسؤولين على مستويات مختلفة في الدولة، بعضهم أكد لي أنّ ثمة لجاناً خيرية أغلقت، وثمة جمعيات تعرقلت وكادت تتوقف، ولولا الله ثم جهود الخيرين في هذه البلاد وحرص الدولة - أيّدها الله - على انتشار هذه الجمعيات واللجان الخيرية لما وصلت الجمعيات في بلادنا إلى أرقام خيالية في رقعة انتشارها في مدن ومحافظات المملكة.
إنني أقترح أن يكون لأعضاء مجالس الإدارات في الجمعيات الخيرية وفي لجان ومراكز التنمية وفي مكاتب الدعوة مقابل مادي لقاء الجهود التي يبذلونها، كذلك لا بد من دعم العنصر النسوي في تلك القنوات، فالعمل الخيري النسوي في بلادنا يتعثر بشكل أكثر من الرجالي، ومن هنا كان لا بد من مبدأ الثواب والعقاب.
هل تعتقدون أنه لو كان هناك مقابل مادي لحضور الجلسات هل سيتخلف الكثيرون؟
وهل ستغلق لجان وجمعيات لو تمت مكافأة العاملين عليها بأجر معلوم يخرجهم من دوائر الشك والريبة التي تحاصرهم من أعين الناس التي تنغص عليهم هاجسهم الخيري والتطوعي؟
كافئوا هؤلاء فهم يستحقون ذلك، وتأكدوا أنّ أجرهم على الله.
Mk4004@hotmail.com