المؤلف: د. عبدالرحمن بن حسن المحسني

تأتي أهمية هذا الكتاب من منطلق حاجة المكتبة العربية إلى دراسة تتناول قصيدة التفعيلة في المملكة العربية السعودية، فعلى الرغم من أن نصوص شعر التفعيلة السعودي تجاوزت مئات الدواوين وآلاف النصوص، فما زالت الدراسات حول هذا المنتج الإبداعي شبه غائبة، وجاءت هذه الدراسة لتكون نواة لدراسات أكاديمية تعني بهذا اللون الفني، إيماناً بأن مسؤولية مهمة للناقد تتمركز حول تتبع حركة النص المجددة لقراءتها ووضعها في حيزها النقدي المناسب.

وتأسيسا على ذلك جاءت هذه الدراسة بكتاب انطلق في بابه الأول من عتبة النص عارضاً لكثير من بنيات العنوان الفنية ثم اتجه نحو معطيات النص اللغوية، فبحث في المفردة، مصادرها وجمالياتها الفنية، ثم شرع يبحث عن جماليات النسق التركيبي الذي تشكلت وفقه هذه المفردة. وكان تركيز الكتاب على سمة الكلية التي تميز التجربة الجديدة عموماً، فعرض البحث لمثل النسق الفعلي والاسمي والتقابلي، منطلقاً منها إلى تفتيق متعلقاتها من البني الصغرى ثم تناول في الباب الثاني البنية التصويرية من الكلمة إلى الصورة المفردة فالصورة التركيبية والصورة الكلية، كما بحث الرمز واتجاهاته في النص، وجاء الباب الثالث معنيا بهيكل القصيدة ومعمارها من الومضة والشكل المدور والمسرحي، إلى البنية الطويلة، وأما آخر أبواب الكتاب فكان للإيقاع، إذ عرض الإيقاع الوزن والتقفية في شعر التفعيلة، وانتقل للإيقاع الداخلي، كما بحث في التشكيل البصري الذي يعد سمة مهمة لقصيدة التفعيلة.

فألقى الضوء على قضايا تشكيلية مهمة من مثل السيمترية والفراغ الكتابي والأقواس وعلامات الترقيم، فضلاً عن تعرضه للهامش الشعري وإيقاع نهاية النص. كل ذلك وغيره في إطار نموذج تفاعل قضية فلسطين مع حركة التجديد، كاشفاً عن إجماع عدد من النقاد على أن تمكن قصيدة التفعيلة، واتساع الكتابة الإبداعية عليها، وتقبل المتلقي العربي لها بشغف يعود إلى عوامل من أهمها قضية فلسطين وما حدث للوجدان العربي بعد أحداث 1948م، فاهتزاز القيم أدى إلى اهتزاز الثوابت العربية الأدبية والفنية.