Al Jazirah NewsPaper Friday  21/11/2008 G Issue 13203
الجمعة 23 ذو القعدة 1429   العدد  13203
صندوق الحكايات
السيرك

ذات مرة كنت واقفاً مع أبي في طابور كي نشتري تذاكر لدخول السيرك، فرأيت أمامنا أسرة واحدة وقفت بيننا وبين بائع التذاكر وهذه الأسرة مكونة من ثمانية أطفال كلهم أقل من سن الثانية عشرة ويمكنك من هيئتهم أن تتنبأ بأنهم من الفقراء ولكنهم كانوا مهذبين ويقفون في طابور خلف والديهم اثنين ? اثنين ممسكين بأيدي بعضهم ويتحدثون عن الفيلة التي سوف يرونها في السيرك، ويمكن لأي شخص أن يعرف أنهم لم يدخلوا السيرك أبدا! وكان ذلك يبشر بأن الليلة ستكون ذات أهمية خاصة لهم, وكان الأب والأم على رأس المجموعة ممسكين بأيدي بعضهما ويقفان إلى جانب بعضهما بفخر واعتزاز, سأل بائع التذاكر الأب عن عدد التذاكر التي يريدها فأجاب بكل عزة وفخر: أعطني ثماني تذاكر للأطفال وتذكرتين للكبار. فأخبره بائع التذاكر بالسعر المطلوب حينها تركت زوجته يده ونكست رأسها وبدأت شفتا الرجل ترتعشان وانحنى قليلاً وسأل: كم قلت؟

فأخبره البائع ثانية السعر ولكن الرجل لم يملك ما يكفي من النقود .. كيف له أن يستدير ليقول لأطفاله أنه لا يملك النقود التي تكفي ليدخلوا السيرك؟

وعندما رأى أبي ما كان يحدث أدخل يده في جيبه وسحب مبلغاً من المال وأسقطها أرضاً (في الحقيقة نحن لسنا أثرياء أبدا) ثم قام والدي بالتقاط ورقة لنقود وربت على كتف الرجل وقال له: معذرة لقد سقطت من جيبك هذه النقود.

أدرك الرجل مقصد أبي ولم يكن يستجدي بأحد ولكنه قدر هذه المساعدة في موقف محرج ويدعو لليأس وحملق في عيني والدي وأمسك بيده بشدة ودمعتاه تنساب على وجنته، قائلاً: شكراً جزيلاً فهذا يعني الكثير لي ولأسرتي.

وعدت مع والدي إلى السيارة ولم ندخل السيرك في تلك الليلة ولكننا بالطبع لم نرجع بخفي حنين.

تذكر دائما: إن أفضل ما في حياة الإنسان هي أفعاله الصغيرة التي تنم عن الرحمة والحب والتي لا يذكرها أحد.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد