عندما نادى عريف حفل مسابقة جائزة صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد - غفر الله له - والذي شرفه نجله البار صاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل بن فهد مؤذناً بتقديم درع تذكاري لوالدي - غفر الله له مغفرة واسعة - دار في مخيلتي الكثير من المواقف التي تجعلني أسترجعها على عجل من أمري طوال المسافة التي قطعتها من مكان جلوسي حتى تسلم الدرع التكريمي.
مر شريط الذكريات الطويل عليَّ في تلك اللحظة القصيرة، وتذكرت كيف يحثنا الوالد على الإخلاص في العمل ونراه يطبق ما يقوله لنا على أرض الواقع.. نال الوالد الكثير من شهادات الإطراء والإشادات المتتالية في عمله والكيفية التي كان يؤدي بها عمله، لكنني - بحكم قربي له - كنت ألمس وأشاهد أموراً قد لا يعرفها الكثيرون، لعل من أبرزها عدله بين الموظفين وسؤاله عنهم وفوق ذلك حرصه الشديد على إتقان العمل بصورة متكاملة إلى جانب المعاملة الأبوية التي كان يمنحها - رحمه الله - للعاملين معه.
مع كل الضغوط التي كان الوالد يحملها على عاتقه أثناء عمله حكماً ثم رئيساً للجنة الحكام ومديراً للمنتخبات السعودية ومديراً للجمعية السعودية لبيوت الشباب إلا أن تلك الضغوط كانت تذهب عندما يشعر بأن عمله آتى أكله وأن آلية العمل تسير من نجاح إلى نجاح.
ليس غريباً على قادة هذه البلاد الطاهرة الوفاء؛ فهم أهله وخير من يطبقه، فعندما رحل الوالد إلى جوار ربه وجدنا أنفسنا أنا وإخوتي وأعمامي محاطين برعاية كريمة من قادة هذا البلد، وعلى وجه الخصوص قادة الرياضة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن فهد بن عبدالعزيز الرئيس العام لرعاية الشباب الذي كان قريباً من الوالد بحكم إشرافه على لجنة المنتخبات سنوات طويلة ورئاسته للجمعية السعودية لبيوت الشباب، وصاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل نائب الرئيس العام لرعاية الشباب الذي مثل صورة حقيقية لوالده المغفور له بمشيئة الله صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد بأعماله وكرم أخلاقه ونبل معشره.
أخلص والدي في العمل وشهد على ذلك كل من عمل معه فجاء الجزاء من جنس العمل؛ فتكريمه في حياته وبعد وفاته من قبل القيادة الرياضية الكريمة هو دليل على أن من يعمل بإخلاص يجد كل تقدير من المسؤولين.
أجد نفسي وإخواني عاجزين عن تقديم موفور الشكر للأميرين سلطان بن فهد ونائبه الأمير نواف بن فيصل على وقوفهما إلى جانبنا في مصابنا ثم التكريم الذي منحاه والدنا بعد وفاته، ليس في مقدورنا إلا أن نجزل لهما الدعاء على مواقفهما السابقة واللاحقة وأن ندعو لهما بالمثوبة والأجر.
خاتمة
على الرغم من أن الموت هو سنة ماضية في الناس وأنه قدر محتوم لم ينجُ منه سيد البشر النبي محمد - عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم - إلا أن النفس البشرية جبلت على استرجاع الذكريات، في كل مناسبة للجمعية السعودية لبيوت الشباب لا يمكن أن أنسى الجهد الذي كان يبذله الوالد - غفر الله له - في سبيل خروجها بأفضل صورة، ووقوفه بشخصه على كل التجهيزات من باب حرصه على الظهور الجميل.. غفر الله لوالدي، وأسكنه فسيح جناته، وليته يسمعني لأقول له إن سمعتك العطرة وأعمالك الفضلى لا يزال يتحدث بها ويثني عليها من عرفك وحتى من لم يعرفك.