لايخفى على كثير من الناس ما دهى عالمنا الإسلامي من فتن كثيرة سيطرت على معظم العقول وداهمت عامة الناس وأبعدتهم عن المسلك الصحيح، فانشغلوا بالدنيا وملذاتها وأثرت في حياتهم وتأثرت بها مجتمعاتهم، ولكن الأمر العظيم والخطب الجسيم أن يفتن الناس في دينهم ويسلكون مسلك الهالكين ويحيدون عن نهج سيد المرسلين عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وإن ما حصل في بلادنا العزيزة من فتنة التكفير والتفجير من بعض الخارجين عن دين الله وسنة رسوله- صلى الله عليه وسلم- والذين يدعون أنهم يبتغون جنة عرضها السماوات والأرض، وذلك بقتلهم للأبرياء من المسلمين وغيرهم، وما آلت إليه من آثار سلبية من قتل وتدمير وتفجير راح ضحيتها أنفس بريئة، أهذه الأعمال أقرها الشارع الحكيم..؟، لست بصدد إيضاح الحكم الشرعي لهذه الأعمال فقد أسهم العلماء الربانيون في هذه البلاد - حماها الله من كل مكروه - في سرد كافة الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الصريحة التي تبين حكم عمل هؤلاء - وقانا الله والمسلمين شرهم ورد كيدهم في نحورهم - ولكن أحببت أن أوضح ما أحدثه هؤلاء الفئة الضالة من آثار نفسية سيئة على مجتمعنا وخاصة ضحاياهم من رجال الأمن - رحم الله من استشهد منهم - ومهما كتبت أنا وغيري فلن نوفيهم حقهم فهم يبذلون أرواحهم في حماية هذا الوطن المعطاء.. نعم إنهم رجال أمننا وحماة وطننا في جميع القطاعات - وفقهم الله وحماهم من كل مكروه - فلك أخي القارئ أن تتخيل حجم معاناتهم وتضحيتهم بأنفسهم وراحتهم من أجل أن تنعم في حياة آمنة، فهؤلاء رجال يجلسون خلف المتاريس في ساعات الليالي الطوال يحرسون منشآت البلاد وخيراتها من كل معتدٍ ضال ونحن نغط في نوم عميق هادئ لا نقدر تضحيات هؤلاء الرجال.. وآخرون يقفون طوال ساعات النهار في شدة البرد أو الحر ليحرسوا حدود هذه البلاد الطاهرة من المجرمين، وآخرون يقومون على حراسة نزلاء السجون ليل نهار حتى يستتب أمن البلاد ويهدأ الأمن.. وآخرون في ظلمات الليالي داخل الأحياء يسهرون حتى تنعم أنت أيها المواطن في أمن ورخاء.. وبعض الآخر يتشرفون بخدمة وحراسة الحرمين الشريفين وحمايتهما من المنحرفين الحاقدين طوال الساعات حتى يؤدي حجاج بيت الله الحرام نسكهم على أكمل وجه.. وقطاعات أخرى لا يسع المقام لذكرها فكل ما ورد آنفاً على سبيل المثال لا الحصر.. ألا يستحق هؤلاء كل الحب والاحترام والود، ماذا قدمنا لهم من شد أزرهم والكلمة الطيبة عند رؤية أحد منهم يقوم بعمله بجد وإخلاص..؟ يستوجب منا على أقل تقدير أن ندعمهم بكل ما أوتينا من تأييد ودعاء حتى لو كان بإلقاء الكلام الطيب الذي يؤثر في نفوسهم فمن خلال تجربتي مع بعضٍ من حماة الوطن فهم يفرحون أشد الفرح ويبتهجون أشد الابتهاج عند تقدير عملهم وتأييدهم والدعاء لهم فهم لا يريدون منا إلا ذلك فلا تتخيل الشعور الذي ينتابهم عند سماعهم الكلام المنبعث من كل قلب، وعوداً لما سبق أقول يا من قتلته أيدي الغدر ويا من تيتم أطفاله بذهاب روحه إلى بارئها أبشر بوعد الرحمن{وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ} (154) سورة البقرة.. ولتفرحوا أيها الرجال البواسل فأنتم على ثغر من ثغور الإسلام، فواصلوا هذه المسيرة العظيمة وأكملوا الواجب المناط بكم، فأنتم مغبوطون لما جمعتم من خيري الدنيا والآخرة، عزاؤنا لذوي شهداء الواجب فأقول أبشرو يا آل الشهيد فشهيد كم في خير نعيم دل على ذلك قول المصطفى محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم (من مات دون دينه فهو شهيد ومن مات دون نفسه فهو شهيد ومن مات دون عرضه فهو شهيد ومن مات دون ماله فهو شهيد) كم.. وكم.. وكم.. فئام من الناس أرادوا تلك الشهادة ولم ينالوها، فلكم منا تحية الإجلال والتقدير، فمن باب قول الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم: من لايشكر الناس لايشكر الله) وقوله عليه الصلاة و السلام (من صنع إليكم معروفاً فكافئوه) نعم والله قدموا لنا كل معروف وإحسان فالشكر لله أولا وآخرا ثم الشكر كل الشكر إلى رجال أمننا البواسل، فكما ذكرت آنفاً فلن يتم الوفاء لهم مهما قيل عنهم والوفاء بهم يفتخر ولانملك سوى) الدعاء لهم في ظهر الغيب أن يحفظهم ويجزيهم عنا خير الجزاء).