في لقاء مطوّل وثري أجراه الزميل محمد الفيصل مع الصديق الشاعر أحمد الصالح (مسافر) والذي من المحزن جداً أن ألتقيه لفترات متباعدة رغم ما بيننا من محبة متبادلة منذ خطواتنا الأولى في عالم الشعر واتخاذنا (تحديث) القصيدة نهجاً مع القلة من شعراء المنطقة مثل سعد الحميدين وإبراهيم العواجي ومحمد المنصور في المملكة، وعلي السبتي وخالد سعود الزيد وخليفة الوقيان ومحمد الفايز في الكويت، وقاسم حداد وعلوي الهاشمي وعلي الشرقاوي وعبدالحميد القائد في البحرين، وحبيب الصايغ وظبية خميس في الإمارات، أقول إن أحمد الصالح من رواد القصيدة الحديثة المتجاوزة في المنطقة رغم زهده بالأضواء والمهرجانات والاحتفالات وعلى الرغم من تأخرنا عن ركب القصيدة الحديثة في العالم العربي لعقد من الزمن حيث توهجت القصيدة الجديدة في الستينيات الميلادية والخمسينيات وبدأت إرهاصاتها الأولى في العراق في أواخر الأربعينيات حيث تنازع على الريادة الأولى لها عبدالوهاب البياتي ونازك الملائكة ولم يتنازل أحدهما عن الآخر حتى الموت على الرغم من أن هنالك شاعراً سعودياً كان يقيم في الزبير اسمه (محمود البريكان) لربما قد بدأ قبل الاثنين ولكنه زهد بالأضواء والصراعات ولربما لم ينشر ديواناً حتى رحل في السنوات الأخيرة وبطريقة بشعة إذ قتله مجموعة من اللصوص في العراق. وعلى الرغم من ادعاء الريادة الأولى للقصيدة الحديثة التي انطلقت في أواخر الأربعينيات وتنافس العمالقة على ريادتها إلا أن الرائد الحقيقي الأول لها هو الشاعر السعودي (محمد العواد) الذي كتبها في الثلاثينيات من القرن المنصرم ولكن لأنه لم يكن في دائرة الإعلام والضوء فقد (نهبها) غيره وادعاها له وعلينا أن نُعيد كتابة تاريخ الريادة الشعرية ونُعيد له حقه (السليب) حينما توفرت لنا الوسائل التي كانت متوفرة للآخرين.