لا زمن للإبداع ولا حدود ولا وقفية فيه لقوم أو فئة أو جنس، فمنذ أن علَّم الله سبحانه وتعالى آدم عليه السلام ومنحه المعرفة بالأشياء {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} (31) سورة البقرة؛ إلى أن أسكنه الأرض وزوجه وتناسلا وذريتهما تعيش تطوراً إبداعياً متتابعاً متزايداً في تواصل منهجي وتراكمات معرفية نقلت المجتمعات بكل تنوعاتها من ثقافة لأخرى ومن حضارة إلى أختها وأفضل منها، وتتدرج هذه الإبداعات نحو الأفضل يعزّزها ما يتوفر من معطيات ابتكارية وآلية تكون هي بدورها أدوات لمراحل إبداعية لاحقة.. وهذا التنوع الإبداعي والتسلسل المعرفي لا يمنح أحداً أحقية التوقف عند مشروع إبداعي فكري أو صناعي ثم يوصف بأنه الأفضل (مطلقاً)، إذ إن هذا الأفضل ستبنى عليه أفضليات منشؤها تطوير الفكرة وتمدد واتساع دائرة الفكر الإنساني الشامل.. وعليه فلا مسوغ لأن يُقال أفضل شاعر وأفضل كاتب وأفضل لاعب وأفضل طبيب ونحو ذلك، وفي نظري أن من الخطأ أن يُقال على سبيل المثال: أغزل بيت، وأهجى قصيدة، وأمدح الشعر إلى غير ذلك، فصيغة التفضيل هذه تناسب مرحلتها ومحيطها الجغرافي والمجتمعي ورب بيت وقصيدة تفوقها عند مجتمع آخر، أما ما لحق وما تلا من إبداع إنساني ففيه صيغ متراكمة من التفضيل إلى ما لا نهاية، (لأن الإبداع لا يتوقف ولا يوقف على أحد).