Al Jazirah NewsPaper Wednesday  22/10/2008 G Issue 13173
الاربعاء 23 شوال 1429   العدد  13173
ثقافة الاحتفال بمدينة الرياض
فوزية الشدادي الحربي

استطاعت الرياض بكل فخر تحقيق المعادلة الصعبة بجعلها ميدانا للفرح والبهجة بعد أن بدلت ثوبها الصارم والذي غالباً ما ترتديه العواصم العريقة، قبل أيام قليلة انبلج ليل الرياض عن عقود النور يحضن سكانها بصدر حان ليسمعها أهازيج العيد، منذ بداية مهرجانات العيد ونحن نتابع البرامج وكانت تتوهج وتخبو حالها كحال جميع الأنشطة الجماهيرية، لكن بهذا العام كان نجاحاً ملموساً ونتوقع جازمين بأن يكون الأفضل في كل عام لأن من يصل للقمة سيحافظ عليها، وبنظري ومن خلال معا يشتي للأحداث والوقوف عليها عن قرب فإن السبب الجبار لهذا النجاح ليس عدد المشاركين أو المبالغ المدفوعة، لكن كان النجاح مقرون بأمير الرياض المتابع لكل صغيرة وكبيرة وسمو نائبه وأمين الرياض ذلك أنهم استطاعوا تسخير جهود متفرقة وتنظيمها وصبها في قالب واحد هو قالب النجاح وكان تزاوج القطاع الخاص مع القطاع الحكومي ذا أثر فاعل وجبار، فمشاركة عدد من الشركات الكبرى والبنوك ما هو إلا نوع من أنواع الحب للرياض وأميرها وأهلها. إن إحساس الجميع بمسؤوليتهم الوطنية وبأهمية دورهم جعلنا نفخر فعلا بعيد الرياض وكم هو جميع أن تشعر بأن جهدك لم يذهب سدى.

الرياض عاصمة ممتدة بأحياء متباعدة متناثرة هنا وهناك من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب وأقصى الغرب والشرق وقد كان للأمانة نظرة ثاقبة بأن جعلت في كل حي موقع منظم مبهج ليفرح أهل الحي بدون عناء التنقل هنا وهناك ويحققون نوعاً من تخفيف الزحام على أحياء معينة، وانطلقت 245 فعالية في 45 موقعاً بدقة متناهية وواكبها تنظيم مروري وأمني مكثف وحملة نظافة تسارع بنقل النفايات أولاً بأول وتحرص على أن تكون الرياض عروساً جميلة بعبق الورود التي كان لها نصيب من اهتمام الهيئة العليا لتطوير الرياض حيث تم زرع أكثر من 600 ألف زهرة موسمية في العديد من الحدائق العامة وممرات المشاة ومواقع فعاليات العيد، كما أن توجه الأمانة دائما يضع باعتباره تنوع أنشطته لتخدم جميع الشرائح وتهتم بالجانب الإنساني. كيف لا وهي ممن يرفع شعار مشروع أنسنة المدن فهذا العام ولأول مرة يستضيف مركز رعاية المسنات كما كان الاهتمام بفئة ذوي الاحتياجات والأيتام.

وقد كان لدراسة برامج العيد قبل طرحها للجمهور واضحة الأثر حيث نجحت الأمانة بتحقيق فكرة التثقيف بالترفيه والتي تدعو لها الدراسات العالمية حيث جعلت من ساحة قصر الحكم بالرياض موقعا رسميا للاحتفال حيث أهمية المكان الذي تقام عليه فهو من أبرز المعالم الوطنية في المدينة حيث يوجد قصر الحكم وجامع الإمام تركي بن عبدالله ومتحف المصمك وهي تعتبر فرصة للتعريف بهذا المعلم والإنجازات التي تمت فيه، كما أن طرح العروض الشعبية ما هو إلا أداة من أدوات تحبيب وتقريب الجيل الجديد بموروثاتهم حيث إن إدراجها بالاحتفالات الرسمية يعطيها أهمية قصوى ويختصر لنا تراث المدن في مكان، كما أنه ومن مبدأ أنسنة المدن أيضا استشعرت الأمانة أهمية تلمس حاجة الاخوة الوافدين وابهاجهم وذلك بإشراكهم وإمتاعهم بالمشاركة في عروض تقربهم من ديارهم. إن دمجهم في احتفال رسمي للبلد يحقق مبدأ الإنسانية فلقد تزاحم الوافدون وأهل الرياض مصفقين فرحين يجمعهم أرض واحدة وعيد واحد، وقد حققت احتفالات ساحة الكندي بحي السفارات الكثير من التفاعل وأشاد كثير من الإخوة الأجانب هناك بأنهم استطاعوا التعرف على تراث المملكة من خلال مهرجان العيد.

إن المتأمل للأعياد في بلادنا لا بد وأنه لاحظ ضعف الثقافة الاحتفالية لدينا فهناك من يجلس لترصد ما يعتقد بأنه زلة أو قصور مغمض العينين عن الجوانب الإيجابية وهناك من لا يتقن ثقافة الاحتفال وحقوق الآخر والسؤال هنا: هل تنقصنا ثقافة الاحتفالات؟

الجواب بالتأكيد نعم، وهنا لا بد من المرور على احتفالات اليوم الوطني والذي سبق العيد بليال والذي وافق يوم الثلاثاء 23 من سبتمبر وقد كان الجميع سعداء بهذه المناسبة الغالية لكن ترجمة الفرح لدى شبابنا أفسدت كثيراً من الأمور حيث الزحام الشديد الذي خلقوه عند أبواب الأسواق ومضايقة المارة وقفل الطرق الاجبارية بسياراتهم والأصوات العالية وغيرها، وفي العيد ورغم تكثيف رجال الأمن والمرور لجهودهم لتنظيم السير إلا أن عدم تفهم الكثير من الناس لحقوق الآخرين جعلهم يتطاولون ويزاحمون في مواقف السيارات وترتفع صوت منبهات السيارة وتتجهم الوجوه وتتحرك الأيدي بمنظر لا يوحي لك بالتفهم والعقلانية، كما أن إشراك الأنشطة النسائية مع الأطفال أحدث الكثير من الفوضى، ومنظر التدافع للضيافة والعيدية عند النساء والأطفال منظر غير حضاري ألبتة، والتزاحم حول المطاعم واحتجاز الاسر للكثير من المقاعد وعدم اعطاء المجال للأسر الأخرى بالجلوس ما هو إلا شكل من أشكال التخلف الذي لا يغيره التعليم بقدر ما تغيره ثقافة الوعي والتمرس بمعايشة الآخرين والانفتاح على المجتمع حيث إننا مجتمع منغلق على الأقارب ويعتبر الانفتاح على باقي المجتمع جديدا نتدرب عليه بالوقت الحاضر من خلال احتفالاتنا (خاصة أن المنطقة الوسطى سكانها لهم خصوصيتهم بخلاف المنطقة الغربية والشرقية الساحلية المنفتحة على الشعوب) إذاً نحن نحتاج للكثير من الرسائل التوعوية التثقيفية بأخلاقية التجمعات البشرية وأهمية النظام والوقوف بالصف وهذه سمة الشعوب المتقدمة.

رسائل للهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض

رغم كل الجمال والإبداع والتنظيم الرائع لكن ولأن الأمانة حريصة على أن تسمع كل الآراء بصدر رحب لإيمانها بأهمية ذلك في تطوير خدماتها ترسل لها بعض النقاط:

- إن دمج الأنشطة النسائية مع الأطفال خلق نوعا من التشويش والفوضى بأغلب الفعاليات النسائية.

- إن تقسيم الأنشطة النسائية بأماكن متعددة ومتفرقة شيء مبهج ورائع وإحساس عميق من القائمين بالهيئة على ضرورة اشراك الجميع، لكن أن تعمل كل جهة بمفردها ببرامج مستنسخة متشابهة تماماً لما تقدمه الأخرى (جميعهن تقدمن أمسيات شعرية وعيدية للأطفال وعروض للمناطق وبدل أن نهدر وقت رب الأسرة بالتنقل هنا وهناك ونشتت الجهود، لم لا تكون هناك خيمة كبيرة في الساحات نفسها التي تقيم البرامج بكل حي تكون مخصصة للنساء بحيث يتواجد رب الأسرة وأبناؤه بنفس المكان إذا رغبت النساء بالتمتع بالأنشطة النسائية يسهل عليها ذلك.

بهذه العُجالة نقول إنه بذل الكثير من الجهد وبدورنا نقدم الكثير من الشكر لصاحب السمو الملكي الأمير سطام بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة الرياض نائب رئيس الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض ولسمو الأمير الدكتور عبدالعزيز بن محمد عياف آل مقرن أمين منطقة الرياض وشكر مرصع بالياسمين والورود لأمير الرياض ونورها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز صاحب الفكر الخلاق والعاشق لهذه الأرض، بفخر يحق لسكان العاصمة أن يقدموا العيد عقداً من حب خالص صادق لأميرهم أطال الله بعمره ليس لأننا نزداد إعجاباً بعيدنا وأفراحنا في حضرة سلمان ولكن لأنه يقاسمنا حب الرياض ويبذل لتطويرها كل الإمكانات ليجعلها مدينة عصرية محافظة على نجديتها متزينة بنور الدين متوشحة رداء الفضيلة والعادات والتقاليد وهي معادلة لا تصعب على فارسها سلمان بن عبدالعزيز.

محررة صحفية



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد