Al Jazirah NewsPaper Wednesday  22/10/2008 G Issue 13173
الاربعاء 23 شوال 1429   العدد  13173
أنا وصديقي الدكتور 2-2
عبدالله بن محمد البراك

بعد أن لقنني صديقي الدكتور درساً في احترام أخلاقيات المهن لم أستطع أن أعترف بهزيمتي ولكن عدت بعزم المستميت الذي لن يخسر شيئاً خاصة في هذه المكالمة وقلت له:

- كلام جميل يا دكتور ومنك أفهم أن تدخل الدول في أسواقها يعتبر مخالفاً لأصول ومبادئ المهنة أو النظام، وما قامت به الولايات المتحدة والدول الأوربية ودول أخرى يعتبر خاطئاً؟

- نعم خاطئ ويعتبر ضربة للرأسمالية.

قلت له لماذا تعتبرها ضربة للرأسمالية ولا تعتبرها تأييداً لنظرية جون مينارد كينز؟

وكأن صديقي الدكتور ينتظرني أقول كينز حتى انطلق بالحديث قائلاً: حسب نظرية كينز فالدولة هي اللاعب الرئيس في الاقتصاد. فهل خطط هذه الدول التزمت بنظرية كينز أم أنها ذهبت إلى ما هو أبعد؟

- قلت أعتقد أنها ذهبت إلى الحدود القصوى وتجاوزتها في بعض الحالات إلى ما هو أبعد.

- قال جميل إذن نتفق إلى أن خطط الإنقاذ ذهبت إلى ما هو أبعد، بل ذهبت إلى الشيوعية في بعض الحالات مثل حالات التأميم.

- قلت يا دكتور نحن الذين ذهبنا أبعد، نحن لا نريد أن نغير في العالم ولكن نحن خائفون من التغير القادم أو ما يسمى بالكساد ولا نريد لاقتصادنا المحلي الدخول فيه وكذلك لا نريد أن يهبط سوق أوراقنا المالية إلى مستويات أدنى, فكل ما نريد هو أن تعود أموالنا التي احترقت في سوق الأسهم وتعود بقيمتها الفعلية، فكثير منا من فقد منزله أو آخر زواجه أو جهز نفسه لزيارة الحقوق المدنية أو أسر تغيرت حياتهم من مستوى اجتماعي مخملي إلى رقم في طابور الشؤون الاجتماعية. ومن حديثنا يا دكتور أعتقد أن جميع النظريات الاقتصادية لن تعالج وضع السوق فلا استثمار نافع ولا مضاربة ستنفع وستزيد المآسي وستكثر الجرائم وستنحدر الأخلاق و... و...

- عبدالله عبدالله عبدالله وقف الله يهديك.

(هنا أحس صديقي الدكتور إني وصلت إلى فكرة أن الدنيا ستصبح سوداء وأننا متجهون إلى الهاوية فرقَّ قلبه لي).

- أنت يا عبدالله كنت قد قلت اكتبوا الحلول وقدموها، وهذه الحلول مثل جرعات الدواء، وفي انتقادنا للنظام الاقتصادي نحن ذهبنا إلى الكي وتناسينا أنه آخر العلاج.

(بدأ الدم يسري في عروقي من جديد وأحسست ببارقة أمل تلوح بالأفق ولا أكترث هل هو القريب أم البعيد ولكن ما يهم أن هناك أملاً)

- قلت أتقصد أن الشفافية ولوائح هيئة سوق المال ستحل مشكلة السوق؟

- قال قد تكون كافية وقد نحتاج إلى جرعات أكبر من العلاج.

- قلت أتعتقد أن لائحة حوكمة الشركات ستحل مشكلة السوق؟

- قال نعم ومن الممكن أن يكون تطبيقها هو العلاج الأكبر.

- قلت وهل تتوقع أن سوقنا تنقصه شفافية؟

- ضحك..

- قلت له ألا يوجد علاج آخر غير الشفافية فالشفافية أصبح مكانها قبل الغول والعنقاء والخل الوفي؟

- قال أن يسن قانون يسمح لحامل السهم مقاضاة أعضاء مجلس الإدارة والتنفيذيين في الشركة وأن لا تلقى العقوبات جزافاً كما أنها تلقى آذان صاغية ويكون هناك توعية لحملة الأسهم تفصح عن حقوقهم والتزاماتهم وتواصل بين الهيئات والأفراد وتسريع الإجراءات في العقوبات كما أن....

- قلت حسبك يا دكتور فعشائي برد.

كلمة أخيرة

فتشكيل اللجان ليس حلاً كما أن التشكيك بها يعرقل عملها، وتوجيه اللوم إلى أي جهة حكومية ليس حلاً، فالحلول تأتي ممن يملكون الخبرات وعاصروا تلك الأزمات المشابهة لهذه الأزمة، كما أن جلسات العصف الذهني والحوار الهادف فيها سيقودنا إلى الحلول، كما أن جامعاتنا تزخر بأصحاب الاختصاص وشركاتنا تتلألأ بخبرات لا يستهان بها، وأخيراً مسئولونا أكثر ما يميزهم وطنيتهم وإخلاصهم. فالحمد لله أننا نملك الحل ولكن هذا الحل يحتاج إلى جهد والتزام.

ملاحظة على المقالة الأولى

هناك من يعتقد اني انتقدت عمل هيئة الاستثمار ولكن في الواقع قصدت الجهات الأخرى، أما هيئة الاستثمار فهي تُشكر على ما تقوم به لاستقطاب هذه الأموال وتشغيلها في أرض الوطن ولكن هناك إجراءات تجبر أموالاً أخرى إلى المهاجرة خارج أرض الوطن.

* عضو جمعية الاقتصاد السعودية


aal_barrakk@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد