الفن التشكيلي قبل أن يكون رسالة جمالية ومعطيات تقنية وفنية، هو في واقع الأمر رسالة إنسانية وهدف لمعانٍ ودلالات سامية، ومن خلاله أيضاً يتم توجيه إشارات متعددة يراها هذا الفنان أو ذاك، وبالتالي فإنّ المضامين والأفكار والرؤى التي تحملها اللوحة أو القطعة النحتية مثلاً، هي بلاشك رسالة موجّهة للمتلقي والمجتمع بشكل عام .. تولّدت لديّ هذه المعطيات من خلال تمعُّن في بعض أعمال الفنانين والفنانات، وقد وجدت في أعمال العديد منهم شواهد لمثل هذا التوجُّه الهادف، ويحضرني ما وجدته في أعمال الفنانة التشكيلية فوزية القثمي، وهي بالمناسبة إحدى فنانات جدة الناشطات، وقد استطاعت من خلال حضورها وأعمالها التي تميّزت بطابع يخصها وحدها، أن تصنع لها اسماً في خارطة التشكيل السعودي، فقد سعت إلى استغلال اللوحة في توجُّه إيماني وروحاني جميل، ولقد بدأت النزعة الدينية والروحانية في أعمالها، والتي تناولت معطيات الدين الإسلامي الحنيف وروحانيته، وقد قدر لي أن اطلع على بعض أعمالها التي تناولت الكون والبعث ومصير الإنسان وعظمة الخالق وقدرته جل جلاله، وعظمة الدين الإسلامي وسماحته، وقد ساعدها في هذا الجانب تخصصها في الدراسات الإسلامية والقرآنية كما تقول سيرتها الذاتية.

جميل جداً أن يوظف الفنان قدراته الفنية والتقنية وخبراته وثقافته التوظيف الأمثل، وأن يقدم من خلال منجزاته رسائل ذات أهداف نبيلة، فاللوحة بما تحمله من معطيات جمالية ولونية وتقنية ومقومات فنية، بالإمكان تضمينها بأفكار ورؤى ودلالات وأهداف تنويرية وتوعوية وغيرها، فاللوحة رسالة وهي سفير ولغة حوار، وهي أيضاً مؤشر لما يملكه مبدعها من معطيات إيمانية وثقافية وتقنية وجمالية، وبالتالي فإنّ تضمين اللوحة بمثل هذه المعطيات الإيجابية هو مؤشر آخر يؤكد أنّ الفن متى ما وظف التوظيف الأمثل قادر على أن يكون من أهم المعطيات والمنجزات الإنسانية.

أعود للفنانة التشكيلية فوزية القثمي التي قدّمتها كشاهد أو مثال لمثل هذا النوع من العطاء الروحاني والتربوي الهادف، وأقول أيضاً إنّ الساحة التشكيلية السعودية زاخرة بالعديد من الأسماء التشكيلية المتميزة في هذا الجانب، والذين تأتي أعمالهم بمثل هذه التوجُّهات الهادفة .. تحية للتشكيلية النشطة فوزية القثمي على هذا التوجُّه الإيماني والعبق الروحي الذي يميِّز أعمالها عن غيرها من التشكيليين.