«الجزيرة» - محمد السنيد
أكد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام الرئيس الأعلى لمؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية أن علماء هذا الوطن سدنة العقل ورواد التجربة وحملة المشاعل -بإذن الله- في ظل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله-. قل اعملوا إني عامل. وقال سموه في كلمة تصدرت كتاب (الصور الفضائية للمملكة العربية السعودية) الذي تم تمويله كمرجع وثائقي وأنجز من قبل مركز الأمير سلطان لأبحاث البيئة والمياه والصحراء في جامعة الملك سعود وكوكبة من العلماء والباحثين في المملكة لصالح مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية وساهم في إنجازه بالتعاون مع معهد بحوث الفضاء بمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية والإدارة العامة للمساحة العسكرية.. ويحق لنا أن نفخر بهذا السفر الكبير، فإننا قبل أي فخر نعلم حق العلم أن التقدم ضريبة علينا نؤديها في عالم شديد التنافس، كثير زحف المصالح، فإن لم نفعل فستتحول تلك الضريبة إلى دَيْن باهظ لا نطيق... فلنسارع الخطى على درب العطاء العلمي وإعمال العقل وتفعيل التجربة، فذاك مخاض الانسجام الإنساني والرخاء البشري والتعاون بلا ضغينة مع كل من يعلم فيعمل ومن يعمل فيعلم.. ولقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال: من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم.. فالتجربة أستاذ ومعلم، وعليها يحث ديننا.
وقال سموه:
لقد كانت لنا الجرأة أن نضيف إلى الحضارة الكثير والغزير مما لا يُنسى كما يشهد عشرات المنصفين من المستشرقين وعلماء الحضارة ونقاد التاريخ من أمثال كراتشكوفسكي وفيران ورينو وهارتمان وبويغوس ولوبون وسارطون وبروكلمان.
لن نسمح للفجوة بين النظرية والتطبيق أن تلوِّح بتهديداتها وتنذر بوبالها.. سنظل نكتشف اليقين ونصنع اليقين ونخدم المواطن والأمة وسائر البشرية بل والتاريخ.
وفي عقيدتنا السليمة وإسلامنا الصحيح: العلماء أمناء الرسل... والعلم هو المخاض الصميمي لتحديات الغد القريب وما بعده.. وشتان بين من يعلمون ومن لا يعلمون.. وليس أعز من عالم مهما علت صهوة العز لأنه لا يُخدع، وليس اذل من جاهل لأنه من السهل أن يخدع.
وبيَّن سمو ولي العهد أن هذا أطلس الصور الفضائية للمملكة المستد على تقنيات الاستشعار عن بعد باستخدام صور الأقمار الصناعية، هو سفر سيفتح الباب على مصراعيه أمام دراسة الظوهر الطبيعية في المملكة، والموارد والثروات وتمركزها وتطويرها، وإجراء التجارب باستخدام التقنيات المعاصرة الفائقة الدقة، واستشراف آفاق الإقدام العلمي والجسارة على النظرة الفاحصة...
وهذا سفر يقول إن العلم ليس حكراً على أحد، أكان ذلك الأحد فرداً أو مؤسسة أم دولة... فبادر أيها العالم السعودي وبادر أيها العالم العربي... المستقبل ليس الذي يأتي فهذا كأنه أتى وكأنه مضى وانقضى، بل المستقبل هو ما تذهب أنت إليه، وحده المستقبل... ومن حصاد أمثال هذا المستقبل الذي أنت تسعى إليه يتكون مستقبل شعب ومستقبل أمة بل وربما مستقبل الحضارة البشرية المعاصرة.
فيصل بن سلطان
وقال صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلطان بن عبدالعزيز أمين عام مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية في كلمتنا نظرة وتقديم لهذا المرجع الوثائقي كما تستقطب المملكة أفئدة ما يزيد على مليار من المسلمين من سائر الدول والألسنة والأعراق، فكذلك تستقطب سائر الدول بما تملك من ثروات طبيعية الجو والبر والبحر، وبما تملك من علاقات دولية في غاية التطور.
نحن أمة هي أهل علم وحضارة ولسنا عابري سبيل وضيوفاً على العلم ولا على الحضارة.. وبعدُ لم يتفكك سرادق المجد ولم تفقد خيمة العز عمودها، الفضائية يجذفون بمجاذيف العقل والتجربة، علماء من ذوات أنفسنا يلتحقون بركب جغرافيين أفذاذ وعلماء أعلام كسهراب والكندي والبتاني والمراكشي فضائياً برحالة القرن التاسع، ويواكبون عباقرة القرن الحادي عشر وفي مقدمتهم البيروني وابن بطلان في المشرق والإدريسي في المغرب ويطمئنون عباقرة وابن المتوج وابن يحيى، ومن مختلف القرون كياقوت الحموي والاصطخري والمقريزي والمسعودي وابن حوقل، وأصحاب المعاجم التاريخية - الجغرافية والإقليمية حتى في القرون المتأخرة.. إننا على دربهم سائرون ولمثل ما وصلوا إليه بفضل الله واصلون، ولا ننسى ابن خلدون ومؤلفي الأعمال الموسوعية والوطواط والعالم الخليجي والبحار الرائد ابن ماجد وكذلك الرحالة الكبير ابن بطوطة صاحب أطول رحلة فردية في تاريخ البشرية الذي ينوف تطوافه على الأرضية.
ستظل المملكة بعون الله وبقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وبعلمائها وأهل البصيرة فيها تمضي قدماً إلى استلام نصيبها من حصيلة التراكم الحضاري والشراكة في دفة هذا الكون نحو مستقبل أفضل ولن نتخلى عن هذا الدور من بعد أبداً...
المملكة من الفضاء
وتحدث د. تركي بن سعود بن محمد آل سعود نائب الرئيس لمعاهد البحوث مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية قائلاً: في عالم يشهد تسارعاً مذهلاً في التطور العلمي والتقني تسعى المملكة العربية السعودية للاستفادة من هذا التطور في خدمة برامجها التنموية وتعزيز حضورها وتطور إمكاناتها في مجال البحث العلمي والتطوير التقني.. وأسست المملكة منظومة علمية وتقنية تستجيب لبرامجها التنموية، وجاء إنشاء مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية لدعم هذه المنظومة وللتوظيف الأمثل للعلوم والتقنية في برامج التنمية، وتضم المدينة حالياً العديد من المعاهد ومراكز البحوث الوطنية، ومن بين هذه المعاهد معهد بحوث الفضاء الذي يُعنى بنقل وتوطين تقنية علوم الفضاء والطيران وتنفيذ الأبحاث العلمية التطبيقية مثل تصميم وبناء وإطلاق الأقمار الصناعية وتطوير تطبيقاتها في المملكة، وتعد محطة استقبال ومعالجة وإنتاج الصور الفضائية في المعهد من أكبر المحطات على مستوى العالم، وهي تغطي دائرة قطرها 5000 كيلو متر تقريباً وتحوي على (4) هوائيات تتراوح أقطارها بين 4م و 10م تستقبل بيانات (5) أقمار صناعية وتتميز مخرجاتها بدقة عالية.. ويجري معهد بحوث الفضاء أبحاثه التنسيق مع الجامعات والمراكز العلمية المتخصصة، ويعتبر مشروع أطلس المملكة من الفضاء ثمرة للتعاون المستمر بين المعهد ومركز الأمير سلطان لأبحاث البيئة والمياه والصحراء بجامعة الملك سعود وجهات علمية أخرى ساهمت في إنتاج هذا العمل العلمي المتميز.
واختتم كلمته قائلاً: أشكر كل من ساهم في هذا المشروع وأخص بالشكر مؤسسة الأمير سلطان الخيرية التي دعمت المشروع راجياً أن يخدم هذا الأطلس الأبحاث العلمية في مجالات مختلفة ويساهم في تطوير تقنيات الاستشعار عن بُعد ومجالات استخدامها في المملكة.
والله الموفق.