Al Jazirah NewsPaper Sunday  21/09/2008 G Issue 13142
الأحد 21 رمضان 1429   العدد  13142
نوافذ
المشروع
أميمة الخميس

المسيرة الإصلاحية التي اختارتها المرحلة الحالية، ليست عبارة عن شعارات، وليست مجموعة من الخطب المناسباتية التي تقدم وقت الحاجة كواجهة إعلامية ومن ثم تدس في درج مهمل، وليست مجموعة من القرارات الإدارية الطوباوية العاجزة عن تفعيل مساراتها على أرض الواقع، بالتأكيد الإصلاح هو وعي وروح وجيشان منظم ومسؤول يؤمن بأن هناك أمرا ما لا نقول هو بحاجة إلى تغيير (حتى لا نسرف في الراديكالية) بل على الأقل تطوير واستجابة للصيرورة الزمانية ومتطلبات العصر.

ولكن في المقابل عندما تنهمر المشروعات الإصلاحية على أودية المكان ومساراته ومصباته، متجهة إلى نهر الوطن، لا نتوقع أن تجد جميع المسارات والدروب سهلة وممهدة ومستجيبة لطبول التغيير وشروطه.

بالتأكيد سينهض في وجهها العديد من السدود والموانع التي يزعجها التغير أو يحد من صلاحياتها ومواطن نفوذها السابقة.

فعلى سبيل المثال الجميع يعرف أن هناك مأزقا بيروقراطيا متراكما تئن منه إن لم يكن جميع فغالبية المؤسسات الحكومية, وأن المشروعات التطويرية تسير بداخله ببطء وتسويف ولجان تتوالد عنها لجان حتى يفقد المشروع زخمه وجيشانه ويتهاوى متفتتا بين الأدراج والأوراق.

على حين أن المشروع نفسه عندما يتحرك في القطاع الخاص فإنه يثب بقفزات نوعية نشيطة مدعومة ومدروسة وقادرة على إحداث الفرق.

وبالتالي من الممكن داخل القطاع الخاص أن ترى النور عدد من المشروعات السريعة المتجاورة الفاعلة في وقت يكون به القطاع الحكومي مابرح يراوح في التقصي والبحث واجتماعات اللجان حول مشروع واحد (فقط) عاجز عن النهوض.

وفي أغلب الظن أن هذا هو أبرز ملامح الفساد الإداري، فإن تعجز مؤسسة حكومية عن تفعيل دورها ومهامها التي أنشأت من أجلها وقامت عليها، نتيجة للهيكلة البيروقراطية المترهلة والأوراق والتسويف والتأخير هو أبرز ملامح الفساد المقنع وراء الحرص والمراقبة والتدقيق، واللوائح والضوابط التي من شأنها أن تمحق الأفكار وبذورها قبل أن تولد.

بحيث يصبح الإطار الذي تتحرك به المشروعات الإصلاحية ذات طابع مطوق بالتقصي والاسترابة مع نوايا التخوين المسبقة التي تخلق المزيد من اللوائح والأنظمة التي تكفن المشروع وتحول أي منشأة أو مؤسسة حكومية إلى مقبرة للمشروعات.

على سبيل المثال وزارة المالية لدينا عندما تزرع ممثلا ماليا لها في كل منشأة حكومية يراجع ويدقق من خلال حس بوليسي مخابراتي، فإنها بهذا الدور تأخذ دور الوصاية الأبوية المتزمتة على كل مشروع وبالتالي تسحب الثقة وتحد من صلاحيات المنشأة نفسها في العمل والإنتاج وتحقيق الأهداف وفق ميزانية أقرتها لها الدولة مسبقا.

وطالما بقي الممثل المالي (البوليس) في كل منشأة ستبقى المشروعات الإصلاحية كالطيور ليست منكسرة الجناح.. بل بلا أجنحة على الإطلاق، وسيبقى معها القطاع الحكومي ثقيلا مترهلا عاجزا عن النهوض بمتطلبات المرحلة والتحليق في أفق الإصلاح.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6287 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد