Al Jazirah NewsPaper Friday  19/09/2008 G Issue 13140
الجمعة 19 رمضان 1429   العدد  13140
رمضان شهر التوبة
حمود بن ناصر الباهلي

هاهو السحاب ينقشع، والغيم ينجاب ويتكشف، والسماء تبسم عن غرة الهلال، كأنما هو قوس النصر، أو رمز النور المبين، إنه هلال رمضان الله أكبر، الله أكبر، ربي وربك الله، هلال خير ورشد إن شاء الله إنه هلال رمضان، شهر الأمة، شهر الصوم، وشهر القرآن، وشهر المعاني السامية التي تفيض على قلوب من عرفوا حقيقة رمضان، واتصلوا بالملأ الأعلى، وسمت أرواحهم فيه، أحبتي في الله: إنا نستقبل ضيفاً عزيزاً لا يفد إلينا إلا مرة في العام ضيف تخفق بحبه إليه الأعناق، وتتطلع الأعين لرؤية هلاله، وتتعبد النفوس المؤمنة ربها بذلك.

قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (185) سورة البقرة.

وقال نبينا الكريم صلوات الله عليه: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) رواه البخاري ومسلم. ها نحن نصوم أيامه العشر الأولى فماذا أودعنا بها من أعماله صالحة.

واعلم أخي الصائم أنه خلال شهر رمضان يجب على كل مسلم ومسلمة أن يكون له مبادرات إيجابية تحولنا داعية إلى الله يأخذ بنواصي العباد إلى الله تعالى كما قال جل جلاله في كتابه الكريم: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (33) سورة فصلت. واعلم أخي القارئ أن كل إنسان أعلم بنفسه وأدرى بقدراته ومن ثم لابد من تسخير تلك القدرة في الدعوة إلى الله على منهاج النبوة، وخير ذلك خاصة في شهر رمضان المبارك هو تعلم القرآن وقراءته، كما قال صلى الله عليه وسلم: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) رواه البخاري.

وبذلك يعم الخير على الجميع ويجب علينا نحن الصائمين أن نعلم أن هدي النبي عليه الصلاة والسلام في شهر رمضان: الإكثار من أنواع العبادة، وكان جبريل عليه السلام يدارسه القرآن، وكان عليه الصلاة والسلام يكثر فيه الصدقة، والإحسان، وتلاوة القرآن وكان صلى الله عليه وسلم يخص شهر رمضان من العبادات بما لا يخص به غيره من سائر الأشهر، كيف ذلك وهو شهر أنزل القرآن فيه، ولو لم يكن فيه إلا هذا الفضل لكفى، فكيف وفيه ما فيه من رفع درجات المؤمنين، ومضاعفة الحسنات، وإقالة العثرات، يعتق الله في كل ليلة من لياليه عتقاء من النار.

وهو شهر تفتح فيه أبواب الجنان، وتغلق فيه أبواب النيران، وتصفد فيه الشياطين، ينزل فيه ملكان يقول الأول يا باغي الخير أقبل ويقول الآخر يا باغي الشر أقصر.

فيه ليلة من حرمها حرم خيراً كثيراً، ليلة يفرق كل أمر حكيم، إنها ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر. فشهر رمضان هو شهر التوبة فمن لم يتب فيه فمتى يتوب؟ قال الله تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (31) سورة النور.

فعلى المسلم الصائم القائم أن يستقبل شهر رمضان بفتح صفحة بيضاء مع الله بالتوبة الصادقة، ومع الوالدين والأقارب، والأرحام والزوجة والأولاد بالبر والصلة، والمجتمع الذي تعيش فيه حتى تكون عبداً صالحاً.

هكذا يستقبل المسلم رمضان استقبال الحبيب للغائب المنتظر.

وخلاصة كلمتي هذه، اعلم أخي الصائم أن شهر رمضان شهر اجتهاد وتضحية في فعل الطاعات فيه وترك المحرمات التي أمرنا بها وأمرنا رسوله صلى الله عليه وسلم، فاللهم وفقنا لاقتفاء أثر نبيك صلى الله عليه وسلم واحيينا على سنته وتقبل منا صيامنا وقيامنا وصالح أعمالنا فيه.



tbi5@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد