Al Jazirah NewsPaper Friday  01/08/2008 G Issue 13091
الجمعة 29 رجب 1429   العدد  13091
حولها ندندن
التناقض
د. جواهر بنت عبدالعزيز آل الشيخ

الأمر المثير للاستغراب والدهشة التي يلاحظها من يتابع ما يدور في الآونة الأخيرة في بعض مناحي محيطنا الثقافي والإعلامي، أن بعضاً ممن يطالبون بحرية الرأي وانطلاقة الفكر، إنما يجعلون هذا الأمر حكراً على أنفسهم فحسب، لكنه حرام على غيرهم من بلابل الدوح.

فإذا أبدى أحدهم رأياً مكتوباً أو مسموعاً أو مشاهداً، ثم طارحه الآخر الحوار مخالفاً إياه الرأي أو راغباً في تصويب رأيه بحكم قربه من التخصص أو المعرفة الصائبة أكثر من الأول، ثارت ثائرة الطرف الأول ثورة جموحاً إلى حد أنه يستعدي عليه السلطة.

وهذا أمر لوحظ ظهوره مؤخراً بشكل كبير، من بعض المنادين - وبكثرة - بحرية الرأي، سواء أكانوا رجالاً أو نساء، فماذا يسمى هذا؟ إلا أن يدخل تحت مسمى الاستبداد بالرأي ومحاولة الإضرار بالآخر والإيقاع به دون شفقة أو احترام أو موضوعية؟!

والأعجب من ذلك إذا كان المحاور طرفاً له قدره ومكانته في الدولة أو المجتمع، سواء رجلاً أم امرأة، فيُهاجم بأسلوب غير حضاري، إلى حد أنه يوصم بالإرهاب، مستغلين أن الإرهاب هو عدو الدولة الأول، وهو في واقع الأمر عدو كل عاقل.

والأشد غرابة إذا كان هذا المتهم أو المتهمة من رجالات الدولة، أو أسسها، أو داعميها، فكيف يحارب الإنسان ذاته، أو يناقض مصلحته، أو يدعو إلى زوال استقراره؟

ولست متحيزة في هذا الرأي لأحد دون أحد، ولا أعني به أشخاصاً معينين، وقد عانيت أنا نفسي من مثل هذه الاتهامات الغريبة الظالمة غير الواقعية في فترة من الفترات، إنما أرى مع كثير من العقلاء والمتعقلات أن هذا الوضع يجب أن لا يطول، فالحرية لا بد أن تكون مكفولة للجميع، لكن دون أية تجاوزات، لاسيما التجاوزات الدينية التي يجب أن تكون هي قمة اهتمامنا واحتراسنا وتهذيبنا كما تفعل الأمم الراقية الأخرى.

فإذا تبنى شخص مبدأً أخلاقياً أو ثقافياً، فيجب أول ما يجب أن يطبقه على نفسه قبل أن يسارع بمطالبة غيره به، لأنه بهذا يكون مناقضاً لذاته، ويعود لطريقة الرأي الواحد الذي يدّعي أنه يحاربه، فقط مع تبادل المواقع، ولكن شتان ما بين الهدفين.



g.al.alshaikh12@gmail.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 9701 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد