Al Jazirah NewsPaper Friday  01/08/2008 G Issue 13091
الجمعة 29 رجب 1429   العدد  13091
رئيس جمعية التحفيظ بتبوك لـ(الجزيرة):
الجمعيات القرآنية دورها رائد في تحصين الشباب من الفكر التكفيري والإرهابي

تبوك - خاص بـ«الجزيرة»::

أبان رئيس الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمنطقة تبوك الشيخ عبد العزيز بن صالح الحميد، أن أبرز العقبات التي تواجه الجمعية في أداء رسالتها تجاه كتاب الله وحفظته من البنين والبنات، هو قلة المعلمين المؤهلين للتدريس في حِلَق هذه الجمعيات، في ظل التزايد المستمر في أعداد الأبناء والبنات، الذين يقبلون على الالتحاق بهذه الجمعيات، في ظل اهتمام وحرص مستمر من أولياء الأمور على هذه الحِلَق.. مؤكداً أهمية تنفيذ برامج ودورات تأهيلية للمعلمين، وتطوير مستواهم ومهاراتهم على مدار العام ليخرج الأعداد المطلوبة لتغطية احتياجات الجمعيات من هؤلاء المعلمين.

وشدد فضيلته - في حوار ل(الجزيرة) - على أهمية الأوقاف، والاستفادة منها في إيجاد مصادر دخل ثابتة لهذه الجمعيات على مدار العام، حتى تتمكن من أداء رسالتها على الوجه الذي يحقق الفائدة لأبناء وبنات هذه البلاد المباركة، وتخريج أجيال حافظة لكتاب الله، ملتزمة به سلوكاً وأخلاقاً.

* بداية هلا كشفتم لنا بلغة الأرقام عدد الدارسين والدارسات في جمعيتكم؟ وما عدد الذين أتموا حفظ كتاب الله من الجمعية حتى الآن؟

- عدد الملتحقين في حلقات الجمعية في مدينة تبوك من الذكور والإناث حسب الإحصائيات الأخيرة (6143) طالباً وطالبة، منهم (4138) طالباً، و(2005) طالبة، بينما بلغ عدد الحلقات في مدينة تبوك لهذا العام (356) حلقة، منها (257) ذكورا، و(99) إناثا، وعدد الذين أتموا حفظ كتاب الله في مدينة تبوك واجتازوا الاختبار بنجاح (186) منهم (68) ذكورا، و(118) إناثا، علماً أنه توجد أعداد كبيرة من الطلاب الذين أتموا الحفظ ولم يتقدموا للاختبار.

* تعد المسابقات القرآنية حافزاً مشجعاً للحفاظ ذكوراً وإناثاً، فكيف تهيئ الجمعية أبناءها لخوض غمار المسابقات؟

- تقيم الجمعية حلقة خاصة للطلاب الذين سيشاركون في المسابقة المحلية مع تكليف أحد المعلمين الجيدين والمتمكنين في أحكام التجويد لمتابعتهم وإعداد برنامج لهم في مراجعة الأجزاء التي سيتقدمون بها للمسابقة كما تنبههم لملاحظات لجنة تحكيم المسابقة التي ترد إلى الجمعية، وقد أوصت القسم النسوي بإقامة حلقة خاصة للأخوات المرشحات للمسابقة، وتكليف أفضل المعلمات وأكثرهن كفاءة لمتابعتهن.

* توفير أوقاف ثابتة أضحى من الأمور المهمة للجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم.. لتواصل مسيرتها الخيرة في تحفيظ القرآن الكريم، والعناية بالناشئة والشباب.. فهل تحدثونا عن أبرز المشروعات الوقفية التي لدى الجمعية؟

من أبرز المشروعات الوقفية لدى الجمعية:

أ - الوقف القرآني: وهو مشروع استثماري سكني تجاري في مكان متميز ذو تصميم هندسي رائع على أرض مساحتها 1328 مترا مربعا مؤلف من ستة أدوار ما بين تجاري وسكني تبلغ تكلفته التقديرية (9.000.000) تسعة ملايين ريال وقد تم البدء في المراحل الأولى من البناء.

ب - وقف مدارس هدى الخير: ويقع على مساحة (9000) تسعة آلاف متر مربع وقد بني الدور الأول على 50% من المساحة ولا يزال يحتاج إلى إتمام البناء على بقية الأرض والأدوار المتكررة.

ج - وقف دار القرآن النسائية: بحي الروضة على مساحة 2500 متر مربع وهو مبني حسب الأشكال المدرسية ويتميز بمواصفات عالية ونموذجية لتعليم النساء القرآن الكريم وتبلغ تكلفته التقديرية 7000.000 سبعة ملايين ريال.

د - وقف شبل القرآن: للأطفال دون سن المدرسة على أرض مساحتها 2925 مترا مربعا بتكلفة تقديرية 8000.000 ثمانية ملايين ريال.

* ما الدور الذي يمكن أن تقوم به الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في كشف أصحاب الأفكار الغالية والمتطرفة وتعريتهم، والتحذير من الإرهاب والتطرف؟ وتنبيه الدارسين والدارسات الى ذلك؟

- الاهتمام بالشباب ورعايتهم والعناية بهم مطلب عظيم ومقصد نبيل، وعنوان التقدم والرقي، فهم ركيزة المجتمع، وأمل الأمة، وجيل المستقبل، ورجال الغد على أكتافهم تتحقق الآمال، وبسواعدهم - بعد توفيق الله تعالى - تبنى الأمجاد، وهم اللبنات التي يقام عليها صرح هذا المجتمع، فإن كانت صالحة سليمة كان البناء قوياً متماسكاً، وإن كانت واهية وغير صالحة كان البناء متداعياً ومنهاراً.

لذا فقد قامت الجمعيات الخيرية ومؤسسات تعليم القرآن الكريم في هذه البلاد الطيبة بتوجيه من ولاة الأمر - حفظهم الله - بدور ريادي وفاعل في احتواء الشباب والناشئة وتربيتهم على موائد القرآن الكريم وحفظهم من قرناء السوء، وحمايتهم من الغلو والتطرف وصيانتهم من الانحرافات الفكرية والسلوكية، عملاً بتعاليم الإسلام السمحة، ومبادئه السامية المستمدة من منهج القرآن وهديه وأخلاقه، التي تدعو إلى الوسطية والاعتدال وتحث على التخلق بمكارم الأخلاق ونبيل الصفات، وتنمي فيهم روح الجد والاجتهاد، واستثمار أوقاتهم فيما يعود عليهم وعلى أهليهم ومجتمعهم بالنفع والفائدة، ليكونوا منارات هدى ومشاعل ضياء، ولبنات صالحة في صرح هذا المجتمع الطيب المعطاء.

وإن المتتبع لمسيرة الجمعيات الخيرية والمطلع على برامجها ليدرك حقيقة مدى حرص القائمين على هذه الجمعيات للقيام بمسؤولياتهم تجاه أبنائهم الطلاب. فأثر الجمعيات واضح في حماية النشء من الفتيان والفتيات من الغلو والتطرف، وصيانتهم من الانحرافات الفكرية والسلوكية والعقدية، ونحن في جمعية التحفيظ في تبوك لم نعهد أن أحداً من طلاب الحلقات يحمل فكراً متطرفاً أو سلوكاً شاذاً منحرفاً ولا أظن ذلك يوجد في الجمعيات الأخرى؛ لأن القائمين على هذه الحلقات والمشرفين عليها من خيرة طلاب العلم الملتزمين بمنهج العلماء الفضلاء والدعاة المخلصين الذين يحرصون على تحفيظ الطلاب القرآن الكريم وتربيتهم على أخلاقه ومبادئه ومثله وآدابه. وذلك لأن القرآن الكريم يدعو إلى كل ما فيه خير وصلاح للفرد والمجتمع وينهى عن كل ما فيه شر وفساد، فما من خلقٍ كريم إلا ودل القرآن عليه، وما من مسلكٍ جميل إلا وارشد القرآن إليه، فهو كتاب رباني ومنهج سماوي يدعو إلى الوسطية والاعتدال وإلى ما فيه صلاح العباد والبلاد في الدنيا والآخرة.

وطلاب الحلقات هم من خيرة الطلاب حرصاً وانضباطاً وسلوكاً والتزاماً ودراسةً وتفوقاً، بل هم المثل الخيّر لغيرهم والقدوة الحسنة لإخوانهم في الأخلاق والآداب والسلوك، وقدوتهم في ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي كان خلقه القرآن الذي أثنى الله عليه بقوله {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}.

والمتصفح للقرآن الكريم والتالي لآياته بتدبر وتأمل يدرك هذه المعاني السامية، فهو يقرأ فيه الدعوة إلى المحبة والتراحم، والألفة والتواصل، والعطف والتكافل، يقرأ فيه الدعوة إلى توحيد الله وإخلاص العبادة له، والحث على بر الوالدين وصلة الأرحام والإنفاق في سبيل الله وحسن المعاملة، والعطف على الفقراء والضعفاء والمساكين والإحسان إليهم، والتحلي بالصدق والأمانة والعدل والوفاء بالعهد، يقرأ فيه النهي عن الشرك والكفر والظلم والخيانة والإثم والبغي والفحش والسرقة والزنا والزور والبهتان وقتل النفس بغير الحق يقرأ فيه قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ}وقوله تعالى: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إلى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ}، يقرأ فيه الوصايا التالية في قوله تعالى في سورة الأنعام: {قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلاَ تَقْتُلُواْ أولادكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ، وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، ويقرأ فيه قوله تعالى: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}، هذه الآية الجامعة المانعة.

وفي معرض الكلام على الأمن يقرأ فيه ما امتن الله به على قريش من نعمة الأمن دون سائر القبائل في قوله تعالى: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ، الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ}، ويقرأ فيه أهمية الأمن ومن يستحقه في قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأمن وَهُم مُّهْتَدُونَ}، هذه الآيات وغيرها كثير كلها تدعو إلى مكارم الأخلاق وجميل الصفات وحسن التعامل مع الآخرين، والوقوف عند حدود الله والالتزام بما شرع.

وفي سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وسيرته العطرة من هذه المعاني الشيء الكثير، وإذا أردنا أن نذكرها أو نسطرها فإنها تحتاج إلى مجلدات، ويكفي في ذلك قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).

* لكل عمل صعوبات وعقبات.. فما أبرز المعوقات التي تواجهها الجمعيات، وما الوسائل المثلى لتجاوزها؟

- من أكبر العقبات التي تواجهها الجمعية قلة المعلمين المؤهلين مع كثرة الطلبات من الأهالي وأولياء الأمور الراغبين في فتح حلقات لتحفيظ القرآن الكريم مما يضطرنا إلى تعيين الحد الأدنى من المؤهلين، وكذلك انصراف الطلاب عن الحلقات بسبب الملهيات التي لا تخفى على الجميع من قنوات وإنترنت وغيرها من الأمور التي تصرف الطلاب عن حفظ كتاب الله والالتحاق بالحلقات القرآنية.

ولعل من الوسائل التي تساعد في حل هذه المشكلة أو التخفيف منها عقد دورات تأهيلية للمعلمين لتطوير مستواهم وتخريج الأعداد المطلوبة لتغطية الاحتياج، كما أقامت الجمعية عدة دورات تأهيلية شاركت فيها مجموعة كبيرة من الراغبين في التدريس في الحلقات.

* ما الجديد لديكم ولم يعلن بعد؟

- لعل أبرز الجديد في الجمعية تعاقدها مع مؤسسة متخصصة لإعداد خطة استراتيجية لأعمال الجمعية وهيكلتها، ونحن الآن في المرحلة ما قبل الأخيرة من وضع هذه الخطة.

نسأل الله أن يصلح أولادنا وأن يهديهم طريقه المستقيم، وأن يحفظهم من مضلات الفتن والأهواء وأن يجعلنا وإياهم من حفظة كتابه العاملين بما فيه إنه سبحانه ولي ذلك والقادر عليه.

وفي الختام أسأل الله تعالى العلي القدير أن يجزي حكومتنا الرشيدة خير الجزاء وخير المثوبة على ما توليه من اهتمام ودعم وتشجيع لهذه الجمعيات، وأن يديم على هذه البلاد أمنها واستقرارها، وأن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد