Al Jazirah NewsPaper Friday  01/08/2008 G Issue 13091
الجمعة 29 رجب 1429   العدد  13091
ختان الإناث عادة لا عبادة
سعيد بن عوض الأسمري

لقد جرى الخلاف في ختان الجنسين الذكور والإناث قديماً وحديثاً شأن ذلك كغيره من الخلافات الفقهية وليس الخلاف حجة يحتج بها المخالف للنصوص بل يجب على العلماء بشرع الله تعالى أن يردوا خلافهم إلى ميزان الشرع وهو كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -؛ قال الله - عز وجل -: (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ)، وقال سبحانه: (فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً). وبناء على ذلك فأقول إن ختان الذكران واجب، والدليل أنه من الفطرة التي فطر الله الناس عليها وهي دين الله؛ قال تعالى: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ)؛ فكل خصلة حميدة في العبادات والعادات يتحلى بها المسلم هي من الدين القيم. وقال نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: (خمس من الفطرة)، وذكر منها الختان. واختتن إمام الخلفاء إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - بالقدوم، وهي آلة القطع مع ما فيها من الألم؛ مما يدل على أنه واجب. وقال - صلى الله عليه وسلم - لمن أسلم: ألق عنك شعر الكفر واختتن. أخرجه أحمد وأبو داود وغيرهما. والعلة في ذلك أن المسلم مأمور بالنظافة وفي بقاء الجلدة عن الحشفة تجمع الأوساخ التي قد تورث أمراضاً للرجل ولو بعد حين.

وأما ختان الإناث فليس فيه سنة صريحة صحيحة بل كل ما رُوي فيه أحاديث ضعيفة، ومن أصول الاحتجاج بالحديث في إثبات الأحكام ألا يكون ضعيفاً؛ فمنها حديث (الختان سنة للرجال مكرمة في النساء) في سنده الحجاج بن أرطاه مدلس وفيه اضطراب، ومنها حديث (أشمي ولا تنهكي) وفي سنده محمد بن حسان مجهول، وقيل فيه محمد بن سعيد المصلوب في الزندقة، ومنها حديث (يا نساء الأنصار اختضبن غمساً واختفضن ولا تنهكن) وفي سنده مندل بن علي ضعيف وعدي بن خالد القرشي وهو أضعف من مندل. انتهى - من نيل الأوطار للشوكاني رحمه الله.

أما الاستدلال بحديث (خمس من الفطرة) ومنها الختان؛ فهذا في حق الرجال خاصة يدل على الخصوصية أنه واجب في حق الرجال للأدلة السابقة، وعلة الوجوب القضاء على مجمع الأوساخ، وهذا ليس عند النساء، بل في الجلدة التي على ذكر الرجل. وأما الاستدلال بحديث إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل فهذا ساقط؛ لأن كلمة (الختانان) من باب التغليب كالقول في الشمس والقمر القمران، وقولهم في أبي بكر وعمر العمران. ولو دخل رجال ونساء جميعاً فالقائل يقول دخلوا بضمير التذكير من باب التغليب. وبناء على ذلك فنقول إن ختان الإناث ليس بسنة ولا مرغباً فيه حتى وإن قال به بعض العلماء والمحققين منهم؛ لأن ختان الإناث حكم شرعي لا يثبت إلا بدليل صحيح، ولم نجد ذلك صريحاً ولا صحيحاً، والذي يظهر أن هذه عادة من عادات الجاهلية وتمسك بها بعض الناس في بعض الأقطار حتى اليوم لجهلم بأحكام الشريعة وله نظائر عند الناس؛ فالكشف للحجاب عادة سار عليها بعض الأقاليم في المملكة خاصة والعالم الإسلامي عامة في حين أن الأدلة توجب الحجاب الشرعي لكن غلبت العادة وإلى عهد قريب؛ فالعادات ليست تشريعاً يعتمد عليه في إثبات حكم من الأحكام، ثم إن ختان الإناث يسبب للأنثى خلفيات سيئة دون موجب لذلك، منها:

أولاً: الألم عند قطع جزء منها وربما جرّ عليها أمراضاً يعز على الأطباء علاجها؛ فلماذا نلجأ إلى هذه العادة المضرة دون دليل صحيح يلزمنا بذلك؟

ثانياً: قلة رغبتها في معاشرة زوجها، وهذا أمر واضح حيث ذكر لي بعض الإخوان الذين تزوجوا مختونة أنه يعاني من أم أولاده صعوبة عند معاشرتها.

ثالثاً: يقول الأستاذ محمد إبراهيم سليم في كتابه دليل الحيران في الخفاض والختان إن الأطباء يرون أن ختان الإناث مدمر لصحة الفتاة، وقد يؤدي إلى الوفاة، ومن هذه الأمراض التهاب الأعضاء التناسلية والبولية والتهاب الكبد الوبائي. وقد تصاب الفتاة بمرض الأيدز. وقال إن الفتاة المختونة يحرمها الختان من الاستمتاع بحياتها الزوجية مع زوجها حيث يستأصل الجزء الحساس الذي تحس به المتعة، ثم قال بعض الأطباء إنه يوصي بعدم عملية ختان البنات، ونقل عن بعض الأطباء أن هذه العملية قد تحدث نزيفاً والتهابات حادة، وقال إنه لا يجوز لألم الجسم إلا بمصلحة تعود عليه، وفي ختانها برود جنسي، وختم الأستاذ محمد إبراهيم بقوله: ومن هنا يتبين أن ختان الأنثى ليس لدينا ما يدعو إليه لا شرعاً ولا خلقاً ولا طباً. قلت إنه يجب على أهل هذه العادة، ولا سيما ساحل جنوب المملكة، أن يدعوها؛ فإنها منتنة مضرة مؤلمة دون دليل يلزمنا بذلك. والله المستعان وعليه التكلان.

* قاض متقاعد



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد