بعث الدكتور أحمد بن عثمان المزيد الأستاذ المشارك بجامعة الملك سعود بمقالة تاريخية تعقيبية على ما كتبه الأستاذ حمود بن عبد العزيز المزيني المنشور في الوراق الاسبوع الماضي تحت عنوان (من أعلام أسرة آل دهيش).
وقد نفى الدكتور المزيد أن يكون بقي الآن في زمننا هذا أحد من أبناء عبد الله الشمري والمتوفى قبل قرون، وقد قال الدكتور أحمد المزيد في تعقيبه:
الوقفة الأولى
إن آل دهيش بن عبد الله الشمري قد انقطعوا، كما هو الثابت في كتب التاريخ والأنساب، ونذكر منها:
قال ابن لعبون في تاريخه (99-101): (عبد الله الشمري، من آل ويبار من عبدة من شمر)، ثم ذكر أبناءه، فقال: (وكان أولاد عبد الله الشمري ثلاثة: سيف، ودهيش، وحمد).
ثم قال: (وأما دهيش بن عبد الله الشمري، فله عدة أولاد، وصار بينهم وبين بني عمهم آل سيف بن عبد الله الشمري حروب عظيمة، عند رياسة بلد المجمعة، وصارت الغلبة لآل سيف، فارتحلوا آل دهيش إلى بلد حرمة، وسكنوا عند آل مدلج، وكانوا أصهاراً لهم، فقاموا معهم في حرب آل سيف، ووقع بينهم حروب كثيرة، وقتل من الفريقين عدة قتلى..) إلى أن قال: (وقد انقطعوا آل دهيش بن عبد الله الشمري، ما نعلم منهم أحداً).
وابن لعبون من آل مدلج الذين هم أنساب وأصهار لآل دهيش، فهو من أعلم الناس بانقطاعهم.
وقال الشيخ إبراهيم بن عيسى في تاريخه (1- 115): (سألت أهل المجمعة عن عبد الله الشمري الذي بنى المجمعة وعمرها وغرسها، فقالوا: من الويبار من عبدة من شمر، وأخبروني أن له ثلاثة أولاد: دهيش، وسيف، وحمد، وأن آل دهيش بن عبد الله الشمري انقطعوا، ما يعلمون منهم اليوم أحداً).
وقد نقل علامة الجزيرة حمد الجاسر في كتابه (جمهرة أنساب الأسر المتحضرة في نجد) قول ابن لعبون السابق، موافقاً له (1-389)، ولذلك نجده قد ترجم للأسر التي نسبها ابن لعبون للجد عبد الله الشمري، مؤسس المجمعة، وهي: (آل سيف 1-386)، وآل مزيد (2-756)، وآل محرج (2-724)، وآل حمادا (1-159)، وآل جبر (1-90)، وآل فايز (2- 369)، وآل مفيز (2- 796)، وآل مجحد (2- 721)، وآل سويد (1- 359)، ولم يذكر آل دهيش بن عبد الله الشمري، لأنهم عنده قد انقطعوا، وليسوا من الأسر الباقية في نجد، قبل القرن الرابع عشر الهجري، قال حمد الجاسر في مقدمة كتابه: (إنني عنيت بالأسر المتحضرة ممكن كانت مستوطنة في الحضر قبل القرن الرابع عشر الهجري) (1-4).
وقد كانت مجلة العرب تفتح أبوابها للقراء والمهتمين للتعليق والإضافة على كتاب (جمهرة أنساب الأسر المتحضرة في نجد)، ولم نجد أحداً كتب مضيفاً أو مستدركاً.
الوقفة الثانية
بين يدي الآن كتب التاريخ والأنساب في نجد، ولا يوجد في كتاب منها نسبة آل دهيش أهل مرات إلى أسرة دهيش بن عبدالله الشمري.
الوقفة الثالثة
في قول الكاتب: (ومن الآثار المتبقية لأسرة آل دهيش في المجمعة بيت قديم في الأحياء القديمة، داخل البلد، كما يروي كبار السن)، فمَنْ هم كبار السن هؤلاء؟
أما ترميم آل دهيش لمسجد حويزة (المسمى يحيى بن دهيش) فعمل مشكور، لكنه لا يثبت انتساباً لأسرة دهيش بن عبدالله الشمري.
الوقفة الرابعة
أما المراجع التي ذكرها الكاتب، ككتاب القاضي والبسام والحقيل ومقالة راشد الغفيلي، فليس فيها ذكر لانتساب آل دهيش أهل مرات إلى دهيش بن عبدالله الشمري.
وأما كتاب (نسب أسرة آل دهيش) فبعد قراءته يتضح أنه من بداية الكتاب حتى (ص13) ينقل ما ذكره المؤرخون عن آل دهيش بن عبدالله الشمري، وهذا لا يخص آل دهيش أهل مرات.
ومن (ص15) حتى نهاية الكتاب يذكر تاريخ أسرة آل دهيش أهل مرات، أما ما ذكره المؤلف في (ص14)؛ حيث يقول: (وبقي آل دهيش في بلدة حرمة لدى أصهارهم آل مدلج في مناوشات وقتال مع أبناء عمهم آل سيف حتى سنة 1194هـ؛ حيث أتى جيش أهل العارض في عهد الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود وضبطوا المجمعة وأخذوا حمد بن عثمان بن حمد بن علي آل سيف، وذهبوا به إلى الدرعية، وارتحل آل دهيش إلى مرات؛ حيث لم يجدوا بُدًّا بعد طول هذه الحروب من الرحيل من المجمعة وحرمة إلى مكان آخر يجدون فيه الطمأنينة والاستقرار؛ فارتحلوا إلى مرات واستقروا بها، وقد ملكوا عدة عقارات بمرات في أوائل القرن الثالث عشر الهجري).
وهذا القول نرد عليه من وجهين:
أولاً: قوله: (بقي آل دهيش.. حتى سنة 1194هـ)، يخالف ما كتبه أهل التاريخ، ومنهم: ابن منقور؛ حيث يقول في تاريخه في أحداث عام 1098هـ: (وقُتل حمد بن علي راعي المجمعة، ثم آل دهيش في المجمعة).
والفاخري؛ حيث يقول في أحداث 1098هـ: (وقُتل حمد بن علي رئيس المجمعة، وقُتل آل دهيش، وآل دهيش بن عبدالله الشمري من رؤساء بلدة المجمعة ينازعون بني عمهم آل سيف بن عبدالله الشمري الرئاسة) (ص103).
ثانياً: قوله: (ارتحل آل دهيش إلى مرات طلباً للأمن.. إلخ)، فهذا يخالف التاريخ والواقع؛ حيث أنعم الله عز وجل على أهل الجزيرة العربية - ومنها المجمعة وحرمة ومرات - بالدولة السعودية الأولى، التي عاش الناس في ظلالها في أمن لم يعرفوه منذ قرون.
وما قصدت من هذه المقالة إلا أن أوضح الخطأ التاريخي الذي وقع فيه الكاتب.
د. أحمد بن عثمان المزيد
أستاذ مشارك - جامعة الملك سعود