كثيرون هم من يضعون اللبنة الأولى لأي مشروع كان، تجارياً أو اجتماعياً أو تربوياً.. الخ، ولكنهم قلة أولئك الذين يلتزمون الصبر والثبات إلى حين وضع اللبنة الأخيرة. اللبنة الأخيرة هي التحدي الحقيقي لكل فكرة تولد أو مشروع يقترح. كم من المشاريع المتميزة طُويت صفحاتها وأُغلقت ملفاتها بسبب قلة الصبر واستعجال الثمرة وسقوط الهمم ونفاد الصبر.. المشكلة أن قلة الصبر واستعجال النتائج وضعف الإرادة تقتل الكثيرين ممن يضحون بمشاريعهم بعد فترة من بدء عملهم بها؛ لينتقلوا إلى مشاريع أخرى. ففي مجال التجارة مثلا يريد صاحب المشروع البسيط أن يحقق أرباحاً من أول يوم للمشروع، وعندما يفاجأ بصعوبة ذلك يعتقد فشله فينتقل إلى مشروع آخر، ولو صبر لظفر. مشكلة هذه الفئة أنهم قوم يريدون أن يزرعوا اليوم ليجنوا الثمرة غداً، فما إن يكتشفوا أن الطريق طويل حتى يتلبسهم اليأس ويضيق عليهم الأمل فينصرفوا غير راشدين إلى باب آخر لعل وعسى، وهكذا دواليك؛ فهم لا يملكون القدرة على تحمل طول الطريق، الملل حاديهم والتأفف ديدنهم. المشكلة الأخرى لهذه الفئة أنهم لا يدركون وهم في حالة الملل واليأس أن الفرج قريب، وأن الهدف قد يكون أقرب على أحدهم من شراك نعله فيحرمه العجل من قطف الثمرة فيحرم نفسه من وضع اللبنة الأخيرة ويفوت على نفسه خيراً كثيراً، وما علم أن النصر صبر ساعة، وأن بلوغ المجد لن يكون إلا بلعق الصبر.