Al Jazirah NewsPaper Thursday  05/06/2008 G Issue 13034
الخميس 01 جمادىالآخرة 1429   العدد  13034
رثاء سعادة الأمين.. معالي الأمين: صالح المالك
علي بن إبراهيم النملة

في سنة 1395هـ دخلت مع زميلي وصديقي المعيد حينها عجلان بن محمد العجلان نسأل سعادة أمين عام جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور صالح بن عبدالله المالك -رحمه الله تعالى- نستفسر عن البعثة التي وعدتنا إياها الجامعة للولايات المتحدة الأمريكية لدراسة علوم المكتبات.

وكان سعادة الأمين العام -رحمه الله تعالى- هاشًّا باشًّا في وجهَي معيدين مبتدئين مبدين طموحاً للمواصلة الأكاديمية يستعجلان مواصلة طموحاتهما العلمية، وكان ردُّه الذي لا يزال راسخاً في ذاكرتي أنَّ مسألة بعثتنا هي مسألة وقت ليس إلا.

كانت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية قد سمِّيت جامعة سنة 1394هـ، وصدر نظامها مع قرار إنشائها. وطفقت الجامعة تعمل على ترجمة النظام إلى لوائح تنفيذية، ومنها لائحة الابتعاث. وصدرت اللائحة، وكان من موادِّها أن يتسلَّم المعيد المبتعث راتبه كاملاً، بالإضافة إلى المكافأة التي تصرف له في مقرِّ بعثته. وأحسب أنَّ لسعادة الأمين العام للجامعة -رحمه الله تعالى- وفضيلة وكيلها حينها معالي الأستاذ الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي أثرٌ في هذه المادَّة التي جرى تطبيقها لمدَّة حتى اعترض عليها من اعترض، فأُبطل حكمها بأثر رجعي، وطُلب من المبتعثين إعادة ما صُرف لهم بغير وجه نظامي. وكان ذلك من خلال حسم المصروف من رواتبهم كل شهر بشهره.

انتقل سعادة الأمين العام من الجامعة -رحمه الله تعالى- إلى وزارة الشؤون البلدية والقروية وكيلاً لها على ما أذكر، فقد كانت مسألة الوقت التي وعد بها سعادة الأمين العام قد حانت، وسافرت مع أحد عشر مبتعثاً من معيدي إلى الولايات المتحدة الأمريكية الجامعة ليلة عيد الفطر المبارك من سنة 1396هـ، وكان لهذا السفر أثره في الانقطاع عن كثير من الأخبار.

ثم أعاد المغفور له خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله تعالى- تنظيم مجلس الشورى سنة 1412هـ، ليكون امتداداً لانطلاقته زمن المؤسِّس الملك عبدالعزيز غفر الله تعالى له. وكان سعادة الوكيل الدكتور صالح بن عبدالله المالك -رحمه الله تعالى- من الستين عضواً الذين صدر بهم الأمر الملكي سنة 1414هـ، ممثلين الدورة الأولى للمجلس في ثوبه الجديد، وكنت قد نلت شرف أنْ أكونَ منهم، وأخالط عضو المجلس الدكتور صالح بن عبدالله المالك رحمه الله تعالى.

مارس عضو مجلس الشورى الدكتور صالح بن عبدالله المالك -رحمه الله تعالى- عضويته بالمجلس بفعالية منقطعة النظير من حيث حماسُه للفكرة البرلمانية من منطلق مؤصل يجمع بين الأصالة والمعاصرة. وكانت له إسهاماته في مسألة التأصيل، بالإضافة إلى إسهاماته في الارتقاء بمكانة المجلس على المستويين المحلي والخارجي. وشارك -رحمه الله تعالى- في رحلات المجلس التي انطلقت بقيادة رئيس المجلس معالي الشيخ محمد بن إبراهيم بن جبير -رحمه الله تعالى- ومعالي نائبه الأستاذ الدكتور عبدالله بن عمر نصيف حفظه الله تعالى.

حماس عضو المجلس الدكتور صالح بن عبدالله المالك -رحمه الله تعالى- ناتج عن اقتناعه بالفكرة، وشعوره بالفخر أنْ يكون ضمن الستين الأوائل من أعضاء المجلس في ثوبه الجديد. وكنت أراه -رحمه الله تعالى- في مداخلاته الجادَّة وفي رغبته في سلامة الإجراءات في المجلس ما يترجم حماسه، بما في ذلك حرصه على سلامة صياغات قرارات المجلس وبياناته التي تصدر عنه.

لعلَّ هذا الموقف من التفاعُل التلقائي كان من أسباب اقتناع رئاسة المجلس في أنْ يشغل الدكتور صالح بن عبدالله المالك -رحمه الله تعالى- أمانة المجلس بالمرتبة الممتازة خلفاً لأخيه وأخي معالي الأستاذ الدكتور حمود بن عبدالعزيز البدر -حفظه الله تعالى-، وليواصل مسيرة بناء المجلس وترسيخ العراقة البرلمانية فيه من المنطلقين المتعاضدين: الأصالة والمعاصرة.

ثم يشاء الله تعالى، ولا رادَّ لمشيئته تعالى، أنْ تظهر على محيَّا معالي الأمين بوادر الإعياء والقلق عندما تبيَّن أنَّ ابنه عبدالله قد أُصيب بمرض عضال استدعى سفره للعلاج، ومن ثمَّ مرافقة والده له في رحلة طالت. وكنت ممن يسأله عن صحّة الابن عبدالله فيبدي تفاؤلاً متوكِّلاً على الله تعالى، مبشِّرًا بتقدُّم صحَّة الابن شارحاً مراحل هذا التقدُّم.

وتمتدُّ مشيئة الله تعالى إلى معالي الأمين العام نفسه ليتبيَّن أنه نفسه بات يعاني من مرض عضال يضطرُّه إلى السفر إلى الخارج للعلاج، ولكنه مع هذا لم يخفِ تفاؤله وإشعاره من حوله ممن يزورونه أنه يمارس دوره بأريحية تامَّة. ثمَّ يعود إلى البلاد ليرقد في المستشفى التخصُّصي بالرياض، فتتاح الفرصة لمزيد من الأحبَّة لزيارته وتأنيسه والأنس به، إلا أنه في حالات يتعذَّر عليه الظهور بالروح التي يريد أنْ يظهر بها، فيعتذر عن استقبال الزوَّار.

حتَّى يأتي الخبر عن انتقاله إلى رحمة الله تعالى معدوداً من الشهداء بحول الله تعالى ومنِّه وكرمه، بعد هذه الرحلة الطويلة والحافلة في خدمة الوطن من منطلق مبدئي كان يجسِّد فيه البعد الوسطي المعتدل المتسامح.

تلك صورة من صور كثيرة ومحطتان من محطات كثيرة كان عليها معالي أخي الكبير الدكتور أبي هشام صالح بن عبدالله المالك -رحمه الله تعالى- الذي شرفت بزمالته في مجلس الشورى لست سنين 1414-1420هـ. رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته، ولله ما أخذ ولله ما أعطى وكل شيء عنده تعالى بأجل مسمى.

وزير الشؤون الاجتماعية سابقاً



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد