Al Jazirah NewsPaper Wednesday  28/05/2008 G Issue 13026
الاربعاء 23 جمادى الأول 1429   العدد  13026
أبكيك يا رجل
د. بدر بن أحمد كريم

معرفة الرجال مكسب، وفقدانهم خسارة ودموع الرجال عزيزة، ولكنها لا بد أن تتهاطل، إذا انتقلوا من الدنيا الفانية إلى الآخرة الباقية، وعملوا لدنياهم كأنهم يعيشون أبداً،

ولآخرتهم كأنهم يموتون غداً.

الموت سنة كونية، يدرك الإنسان ولو كان في بروج مشيدة، ومن ذا الذي لا يموت؟ ولكن المثل المعروف (مَنْ خلّف ما مات) أي أن من ترك من خلفه ذرية صالحة، فسيكونون امتداداً له، يذكرون محبي وأصدقاء والدهم بأنه يعيش بينهم، بصفاته، وسماته، وأخلاقه، وإنسانيته.

انتقل أخي وصديقي وزميلي الدكتور صالح بن عبدالله المالك (الأمين العام لمجلس الشورى) إلى رحمة الله (21 جمادى الأولى الحالي) بعد أن عانى من مرض عضال، تقبله بصبر المؤمن، ورباطة جأش المسلم، والتسليم بقضاء الله وقدره.

أثناء علاجه في أمريكا، وأثناء غيابه عن أروقة مجلس الشورى، كان الكل يسأل عنه، يتابعون أخباره، هاتفه لا يصمت إلا قليلا. لقد كانوا - وكنت واحدا منهم - يغالبون دموعهم متسائلين: متى يعود الطير إلى وكره؟ وهل سيواصل مشوار حياته، المليء بالمنجزات التي حققها لوطنه ولمجتمعه؟

قبل شهر - تقريبا - من وفاته، كنت وصديقي الدكتور أسعد بن سليمان عبده (عضو مجلس الشورى) في زيارته في غرفته بمستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض أفزعنا منظره كان جلدا على عظم، فجعت وزميلي الدكتور أسعد عبده ومع ذلك فقد كان الرجل مبتسماً وهو يعرض ذكريات موغلة في القدم بشرت وزميلي كل محبي الرجل بأن زيارته ممكنة، فأسرع الكل لرؤيته نسيت أن أقول: إنه أثناء زيارتنا له، طلب منا أن نقترب من سريره سرد على مسامعنا بأسلوب ميز مرحلة سابقة من عمله الوظيفي.

يوماً من الأيام، سمعت الشيخ (إبراهيم بن عبدالله العنقري) رحمه الله، يثني عليه ثناءً جماً. آنذاك كان وكيلاً لوزارة الشؤون البلدية والقروية. في ذلك الحين تعرفت عليه أثناء مؤتمر للبلديات في المدينة المنورة لم يكن من وكلاء الوزارات الذين يعطون أنفسهم أكثر من حجومهم هنا كسبت رجلا، استمرت علاقتي به أكثر، عندما كان عضوا في مجلس الشورى، ثم أميناً عاماً له.

من أهم ما تركه الراحل عندي، إطلاعه الواسع على اللغة العربية، وكنت أستأنس بقواعدها منه، حتى إذا أخطأت بعث إلي ورقة صغيرة يصوب خطأ، أو يلفت انتباهي إلى خطأ نحوي.

رحم الله أبا هشام رحمة واسعة، وأسأل الله أن يسكنه فسيح جناته، وعزاء لأسرته كلهم، ولأصدقائه، ولمحبيه.{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد