ليست الكتابة عفو القلم...
بين الفكرة وقالبها زمن من التخلق وأطوار من النمو ولحظات ولادات تتعسر كثيراً...
و... بين العبارة والكلمة فيها لحظات تشكيل لا ينجو الكاتب من ضرورة رسمها ليس في حروف ولا في جمل...
يتصيد دلالتها البالغة رسغ المعنى وجذر المقصد... إنما في تركيبة خاصة حين تقفز بين العيون فإنها العطر الذي يسبق زهرته...
الكتابة دنيا وعالم.. حياة وموت...
احتراق حتى النصل ونبت منذ الجذر...
ورفقة حد الخطو...
ليست خارج الروح ولا بعد الوريد...
فما بالهم يستهينون كثيراً بالشعراء وبالكتّاب وهم المحترقون في مفرق الشمس وعند مغيب الصمت...؟
هم وحدهم في عملية صهر لا يهدأ أوارها ولا تخمد جذوتها...
بل ما بالهم هم أنفسهم في منأى عن صدارة القافلة يتوارون عن مقدمة الركب...؟
فكلمتهم ليست عفو حرف تعبث به ريشة غر في لحظة دعابة...
فالوقت الذي لا يتراكض فيه الشعراء والناثرون في مضمار البركان ليشعلوا وقيد صدورهم ويفرغوا مكنون رؤوسهم فإنهم يتخلون عن مضغة هي بذرة تلك المروج التي تستوي بها الحياة والنفوس خضراء... أو الأحراش التي تتمدد فيها الطحالب والحفر...
فمتى الاحتراق... المثمر...؟