لا شك أن عقد (ملتقى التدريب وتوطين الوظائف الذي يعقده برنامج صاحب السمو الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز للتدريب وتوطين الوظائف) في هذه الفترة بالتحديد يجدد الآمال في اتخاذ خطوات جادة في سبيل الوصول إلى أفضل السبل للحد من أزمة الاستعانة بالأجانب في العمل داخل المملكة، حيث يستحق الشباب السعودي تبوؤ مقعده المناسب في سوق العمل في بلده. ولا يخفى على أحد حجم الأزمة التي يعانيها سوق العمل السعودي؛ حيث يعمل به نحو 8 ملايين أجنبي، رغم أن الفرد السعودي عامل فاعل ويمكن أن يحتل المناصب الإدارية في الشركات العالمية، الأمر الذي يعنى أن إمكانية الوصول إلى حل عن طريق الاهتمام بالتعليم الفني فضلا عن تعاون رجال الأعمال في الوصول إلى نهاية سعيدة لهذا المسلسل الذي بدأت حلقاته منذ وقت طويل ولم تنته حتى الآن.
أبعاد الأزمة
تبلغ نسبة البطالة في المملكة العربية السعودية 11 في المائة وفقًا لما أكدته وزارة الاقتصاد والتخطيط وأشارت الوزارة في أحدث إحصائياتها أن معدل البطالة للسعوديين الذكور، بحسب بحث القوى العاملة للنصف الأول من العام الحالي الذي أنجزته مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات، بلغ داخل قوة العمل 15 سنة فأكثر 8.3 في المائة، في حين بلغ معدل البطالة للإناث السعوديات 24.7 في المائة. وتشير أرقام الوزارة إلى أن عدد العاطلين السعوديين بلغ 445.198 فردا، وأن غالبيتهم يتركزون في الفئة العمرية بين 20 و24 سنة، وذلك بنسبة 44.5 في المائة. ويلاحظ أن نسبة ذلك بين الذكور 46.5 في المائة، أما فيما يخص الإناث فتمثل الفئة بين 25 و29 سنة الفئة الأعلى من حيث عدد المتعطلات، وذلك بنسبة 44.2 في المائة من جملة المتعطلات السعوديات، ثم تأخذ هذه النسبة في الانخفاض التدريجي تبعا لارتفاع العمر حتى تتلاشى بعد سن 50 سنة، وتكاد تقترب من الصفر بعد عمر 54 سنة بالنسبة للذكور. اللافت أن معظم العاطلين السعوديين هم من الحاصلين على الشهادة الثانوية أو ما يعادلها، وذلك بنسبة 34.4 في المائة، وتبلغ نسبة هؤلاء بين الذكور 42.1 في المائة، يليهم الحاصلون على شهادة المتوسطة، وذلك بنسبة 20.4 في المائة. أما فيما يخص الإناث فإن الحاصلات على شهادة البكالوريوس أو الليسانس يمثلن أعلى نسبة من بين المتعطلات السعوديات حيث بلغت 64.5 في المائة، تليهم الحاصلات على الشهادة الثانوية أو ما يعادلها بنسبة 21.4 في المائة. فيما أظهرت النتائج عدم وجود بطالة بين الذكور والإناث، ممن مستواهم التعليمي ماجستير أو دكتوراه.
التحرك مطلوب
ينبغي فتح مداولات مع أصحاب العمل حول المزايا الاقتصادية لتوطين الوظائف وتدريب المسئولين في الشركات على اقتصاديات السعودة ، ورفع نسبة المشاركة وتأهيل العمالة ونسبة العمالة عبر برامج تدرجية. ولا شك أن هناك تأثيرًا متزايدًا للبطالة على الوضع الاجتماعي في المملكة، ونكتفي هنا بالإشارة إلى أن 69% من المسجونين لم تكن لهم وظيفة ثابتة قبل محاكمتهم. وهو الأمر الذي يستدعى التحرك العاجل للتغلب على تلك الأزمة، وهذا ما يفسر الاهتمام الذي يوليه صاحب السمو الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز لملتقى التوظيف الحالي. إنها مشكلة تحتاج إلى الوصول إلى حلول سريعة من جانب القطاعين الحكومي والأهلي معاً، وذلك بتوفير فرص العمل الكريم للقوى البشرية الوطنية، وإتاحة فرص العمل لكل فرد يبحث عن العمل، خاصة أن المؤشرات السكانية المختلفة تؤكد أنه سيكون هناك ارتفاع ونمو كبيرين في عدد السكان الوطنيين خلال السنوات القليلة القادمة، مما يتطلب تضافر الجهود وتوفير الملايين من فرص العمل الوظيفية للشباب السعودي، وإتاحة الفرصة لكل من يبحث عن عمل من أبناء المجتمع.