Al Jazirah NewsPaper Monday  12/05/2008 G Issue 13010
الأثنين 07 جمادى الأول 1429   العدد  13010
ورقة علمية: الدراسات المقارنة كشفت كثيراً من المبادئ في القوانين الوضعية انتهت لما بدأت به الشريعة الإسلامية

أكد د. محمد المدني بوساق ود. محمد عبد الله ولد محمدن من قسم العدالة الجنائية بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية في ورقة عمل بعنوان: دراسة الأنظمة مقارنة بالفقه الإسلامي التجارب والآثار أن أبرز أهداف المقارنة بين النظم والفقه الإسلامي يتمثل في إظهار سبق الشريعة في تأسيس المبادئ العامة والمحافظة على خصائص الإنسان وصيانة كرامته والمحافظة على بقائه واستمراره.

وأضافا في ورقتهما حول بيان أهداف المقارنة إنها تتمثل في معرفة المجالات والنوازل التي فاتنا استحضارها وغفلنا عنها لأسباب كثيرة حلت بأمتنا وتعطل فيها الاجتهاد فلم تعد تخطر ببالنا وعن طريق المقارنة نكتشف تلك النوازل ونعمل على تغطيتها بأحكام مستمدة من مصادر الشريعة ومقاصدها، وهنا تحضرني قصة أسد بن الفرات - رحمه الله - فقد ذهب إلى العراق فنظر في فقه أهله واستل منه جميع الأسئلة المطروحة، وهي كثيرة بسبب اتساع المعاملات وتنوعها عندهم لكونها ملتقى حضارات كثيرة ثم ذهب بها إلى المدينة وجلس إلى بعض تلاميذ الإمام مالك وبسبب ذلك ظهر فقه الحجاز وشمل جميع المجالات الفقهية فكانت المدونة الكبرى من ثمرة ذلك الجهد الرائع.

وتجديد الفقه الإسلامي واستنهاض همم العلماء ليبذلوا وسعهم ويستفرغوا جهدهم في البحث عن الأصوب والأصلح والأنسب لعصرهم ومجتمعهم، ويؤصلوا ما يستجد من العلوم بإرجاعهم إلى أصولها المناسبة لها، اعتماداً على أصول الشريعة وقواعدها العامة التي تنضوي تحتها تلك الجزئيات.

والبحث عن الحكمة الضالة، إن المسلم لا يرفض الصواب والحق، ولو جاء من كافر أو عدو لأن الحكمة ضالة المؤمن وهو أولى بها أنى وجدها، بل ينبغي أن يسدي الشكر لمن دله عليها، وتعد الحكمة الضالة متى وقعنا عليها من صميم الشريعة وليست مضادة لها ولا غريبة وإنما يعد التقاطها رداً لها على موطنها.

خامساً: إعداد الطلاب إعداداً يجمع بين القناعات العقلية والرضا القلبي والقدرة على التدبير والحكمة ومواجهة مشاكل عصرهم بعلم ووعي وانفتاح دون مصادمة للقطعيات ولا جمود على الظنيات ولا معارضة للحقائق وتنكب للصواب مع إعطائهم القدرة على النهوض بالأعمال المختلفة والمناصب المتنوعة وتوسيع مجالات عملهم دون حصرها في إمامة الصلاة وقضاء الحدود والأحوال الشخصية.

ونوه الباحثان بتجربة قسم العدالة الجنائية بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية في الدراسات المقارنة حيث إن القسم انتهج منهجاً فريداً في برنامج العلمي، فقد زاوج في تدريسه للتشريع الجنائي بشطريه الموضوعي والإجرائي بين الدراسات الفقهية ابتداء بمبادئ التشريع الجنائي الإسلامي، ثم الحدود والقصاص، وبعدهما الجرائم التعزيرية، وفي مقابل ذلك تم إدراج مادة العقاب والتجريم في القوانين الوضعية.

أما الجانب الإجرائي فتقرر تدريسه في مادة واحدة مع التأصيل والمقارنة.

وهناك مواد أخرى تجمع بين التأصيل والمقارنة في نسق واحد مثل مادة المرافعات والنظام القضائي والأنظمة التعزيرية الصادرة في المملكة العربية السعودية، ويجري تدريس السياسة الجنائية دراسة مقارنة وغير ذلك. وفيما يتصل برسائل الماجستير والدكتوراه فيوجد منها المئات وهي في معظمها دراسات مقارنة وتطبيقية تتصل بالواقع العملي والتجريبي، وقد غطت معظم المواضيع المعاصرة فيما يتصل بالتجريم والعقاب والوقاية نظم القضاء والمرافعات والادعاء العام، وحماية حقوق الإنسان، والجرائم المستحدثة كالجرائم المنظمة وجرائم الإرهاب، وجرائم غسل الأموال، والجرائم الرقمية وطرق الإثبات المعاصرة وغير ذلك.

آثار الدراسات المقارنة في جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية:

النتائج التي لمسها أعضاء الهيئة التدريسية وغيرهم لا حصر لها ومنها: الأثر الطيب الذي ظهر في خريجيها الذين أصبحوا أكثر حكمة وأحسن تدبيراً وأقدر على مواجهة كل الظروف بثقة وتوازن وسعة اطلاع، ورحابة صدر من غير ضيق ولا حرج مع القناعة العقلية والرضا القلبي بتفوق شريعتهم وصلاحيتها لكل زمان ومكان.

و التواصل مع رجال القانون من المسلمين وغيرهم أظهر لهم ما كان مجهولاً لديهم وخفياً عنهم، وقد أسهمت بحوث الجامعة المقارنة في المؤتمرات المحلية والإقليمية والدولية في التعرف على الجوانب المشرقة في الشريعة الإسلامية وبخاصة فيما يتصل بالتشريع الجنائي مما جعل الكثير منهم يظهر إعجابه ويعترف ببعده عن هذه الحقائق.

والدراسات المقارنة فتحت الأبواب مشرعة على التجديد وحفزت الهمم على استفراغ الجهود وبذل الوسع لإحياء ما اندثر وإظهار ما خفي واكتشاف الحلول التي تتضمنها شريعتنا الغراء وطرد الأوهام التي تكبل كثيراً منا وتمنعهم من الوصول إلى الأصوب والأصلح والأنسب.

وكشفت الدراسات المقارنة أن كثيراً من المبادئ والأحكام التي انتهت إليها القوانين الوضعية هي تلك التي بدأت بها الشريعة الإسلامية.

وأثمرت الدراسات المقارنة عن فتح مجالات كثيرة للتأليف في الفقه الإسلامي، ومنها تأسيس نظريات فقهية كثيرة وفتحت الباب لتقنين الفقه حيث أصبح تقنين الفقه محل اهتمام وتركيز وحوار وظهرت في ذلك عدة مشاريع في مختلف البلدان.

ومكنت الدراسات المقارنة من نقد وإظهار الأخطاء الخطيرة في بعض القواعد القانونية التي خالفت المقاصد العامة للحياة الإنسانية وانحرفت عن الفطرة السليمة وما أجمعت عليه الأديان السماوية مما أحدث خللاً خطيراً في الحياة البشرية، وهدد كيانها بالانحلال وخصائصها بالزوال ووجودها بالانقراض.

وأوصى الباحثان بالتأكيد على ضرورة توسيع الدراسات الفقهية في العالم الإسلامي لتشمل دفع المفاسد الواقعة والمتوقعة، وجلب المصالح الممكنة، والبحث عن الأصوب والأحسن والأصلح، وعندها لا نرى هناك فرقاً بين الفقه والقانون، وإنما نجد حلولاً لكافة قضايا العصر بناء على المصادر والمقاصد والقواعد بعد تأكيد الثوابت ثم الاستفادة من الثروة التراكمية للفقه الإسلامي بصفته موسوعة واحدة وعندها لا تجد في بلد إسلامي كلية للشريعة وأخرى للحقوق.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد